هواجس النمو لـ "مجموعة السبع"
"النمو العالمي لهذا العام سيبقى تحت حاجز 3 %" بيير أوليفييه، مدير في صندوق النقد الدولي
ربما تتغير التوقعات بشأن النمو والتضخم، حتى مستويات الفائدة على الساحة العالمية كلها، بحسب التطورات الجارية على الأرض، لكن الثابت الأول في هذا الجانب، أن نسب النمو في دول مجموعة السبع، لن تصل في العام الجاري إلى مستويات -ولو قريبة من تلك التي سجلت قبل في الأعوام الأخيرة من العقد الماضي.
الضغوط لا تزال قوية على اقتصادات المجموعة، التي تستأثر (كما هو معروف) بنحو 60 % من إجمالي الثروة العالمية المقدرة بـ317 تريليون دولار. كما أن هذه المجموعة تستحوذ على 42 % من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. أي أنها كتلة محورية سواء في أوقات الأزمات أو الانفراجات.
وفي الأعوام الثلاثة الماضية، دخلت تحت ضغوط كبيرة، سواء من جهة الموجة التضخمية العاتية، أو من جانب سياسات التشديد النقدي التي باتت تشكل المشهد الاقتصادي العام كله.
في ظل هذه الحالة، تتصدر الولايات المتحدة الدول الأخرى في المجموعة ليس على صعيد النمو فحسب، بل حتى في النجاحات التي حققتها في خفض التضخم، وتوفير مزيد من الوظائف المحلية. في حين إن بقية دول المجموعة ظلت في مستويات ضعيفة، حتى أن الاقتصاد الألماني -الذي يحتل المركز الرابع بحجمه عالمياً- لم يحقق أي نمو في العام الماضي، ما ترك آثاراً سلبية حتى على اقتصادات الاتحاد الأوروبي كلها. والحق أن النمو تأثراً سلبياً على الساحة الدولية ككل. فحتى اقتصاد الصين (الثاني في العام) فقد مستويات النمو المرتفعة التي حققها على مدى أكثر من عقدين من الزمن، بحيث يوصف بأنه المحرك الأساسي للنمو العالمي. ومع ذلك، تبقى وضعيته أفضل بكثير من هذا الزاوية مقارنة باقتصاد مجموعة السبع بما فيها الولايات المتحدة.
لا شك في أن مجموعة السبع ستسهم في نسبة النمو العالمي لهذه السنة على الأقل، حيث يتوقع أن تتأرجح نحو 3 %، وتصل إلى 3.2 % في العام المقبل، ما يعني أن دول المجموعة ستواصل على الأقل هذا العام سياسة التشديد النقدي، خصوصاً مع استمرار الآثار السلبية للتضخم في الساحة.
ومن هنا، يمكن القول، إن السمة التي ستسود في العام الجاري، لن تخرج عن توصيف التباطؤ، مع مستويات متدنية كثيراً للنمو في اقتصادات مجموعة السبع عموماً. وهي سمة انتقلت بالفعل من العام الماضي، الذي سجل فيه الاقتصاد الكندي (على سبيل المثال) 1.1 % وحل في المرتبة الثالثة بعد كل من الولايات المتحدة وكندا. في حين أن الاقتصاد الفرنسي، لم يحقق سوى 0.7 %، بينما تبقت الأمور غير واضحة بالنسبة للاقتصاد البريطاني، الذي يعاني الضغوط العالمية بالطبع، كما يعاني أيضاً ضغوط خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي.
في كل الأحوال، لن يكون النمو في هذه المجموعة المؤثرة عالمياً قوياً بما يكفي لعودة اقتصاداتها إلى مرحلة ما قبل جائحة "كورونا" والموجة التضخمية الراهنة، وبالطبع ما قبل الآثار التي تتركها معدلات الفائدة المرتفعة على الحراك الاقتصادي كله. وكما بقية الاقتصادات الأخرى، عليها الانتظار لتغيير السياسة الراهنة للفائدة باتجاه الخفض، لكي تبدأ في تحقيق مستويات من النمو مقبولة (وليست قوية)، تعيد العجلة المولدة للنمو إلى الدوران بطاقة أيضاً مناسبة، ولا سيما في مرحلة الانتقال من التباطؤ غير المرغوب فيه، إلى نمو أكثر استدامة، ويعتمد على الإنفاق الاستهلاكي، وعلى زيادة الوظائف على الساحات المحلية هنا وهناك.