سوق الهليكوبتر مرشحة لبلوغ 76.2 مليار دولار مع تزايد المليونيرات واقتصادات ناشئة تدخل على خط إنتاج
كانت طائرة الهليكوبتر البلاستيكية واحدة من قطع اللعب الرئيسة في مجموعة الألعاب التي يمتلكها الفتيان في الأجيال الماضية.
لكن اليوم تختلف الأشياء وتتحقق الأحلام، ليس فقط بركوب طائرة هليكوبتر بل بشرائها أيضا حتى إن كانت مروحية صغيرة الحجم ذات خمسة مقاعد ومحرك توربيني، إذ سيطرح في أسواق المملكة المتحدة مروحية بقيمة 600 ألف جنيه استرليني.
ورغم الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة في المملكة المتحدة هذه الأيام، فإن السعر في متناول كثيرين داخل بريطانيا وخارجها، ويتضح ذلك من حجم الطلب الذي بلغ 1222 طلبا بقيمة 540 مليون جنيه استرليني.
توري أندرسون طيار متقاعد وعضو رابطة طائرات الهليكوبتر البريطانية يعلق للاقتصادية قائلا "شهدت صناعة طائرات الهليكوبتر الخاصة الفاخرة في أوروبا والمملكة المتحدة نموا كبيرا في السنوات الأخيرة مدفوعة في ذلك بالطلب المتزايد من الافراد أصحاب الثروات الكبيرة والشركات وشركات الطيران المستأجرة".
ويضيف "كما أن الطبيعة الجغرافية للقارة الأوروبية لا تجعل من اليسير الوصول إلى كثير من المنتجعات الفاخرة والفنادق المميزة والعقارات الخاصة والشواطئ النائية عن طريق البر، يضاف إلى ذلك أن السفر بطائرة هليكوبتر تجربة فريدة تمثل عرضا جذابا وتضيف كثيرا للمكانة الاجتماعية، كما أنها توفر السفر السريع داخل المدن الأوروبية المزدحمة مثل لندن وباريس وروما".
تلك العوامل تجعل من المتوقع أن تنمو سوق الطائرات الهليكوبتر الفاخرة والخاصة في أوروبا بمعدل سنوي يقدر بـ4.2 % حتى 2027 ليصل قيمتها إلى 4.7 مليار دولار بنهاية تلك الفترة.
ولا يختلف الأمر كثيرا على المستوى العالمي إذ تشير الأرقام المتاحة إلى أن قيمة سوق طائرات الهليكوبتر الخاصة بلغ على المستوى الدولي في العام الماضي نحو 59 مليار دولار، وسيقفز إلى 76.16 مليار دولار بنهاية العقد الجاري، بمعدل نمو سنوي 3.7 في المائة.
مع هذا يعتقد بعض الخبراء أن هناك مجموعة من العوامل الرئيسة التي ستحدد مسار سوق طائرات الهليكوبتر في السنوات المقبلة، إذ يرجح أن يزداد الطلب في منطقة آسيا والمحيط الهادئ بشكل ملحوظ على طائرات الهليكوبتر الخاصة الفاخرة، مع تزايد أعداد المليونيرات في تلك المنطقة من العالم بشكل سريع.
ولـ"الاقتصادية" يعلق إل. أنرون الأستاذ في مجال التأمين في جامعة أدنبرة قائلا "القطاع المدني والتجاري سيمتلك حصة متزايدة في مجال طائرات الهليكوبتر بسبب ارتفاع الطلب على خدمات الطوارئ خاصة الصحية، ويحتل قطاع عمليات البحث والإنقاذ المرتبة الثانية بسبب الاحتياجات المتزايدة للمروحيات في إدارة الكوارث وأنشطة مكافحة الحرائق جوا إضافة إلى النقل الجوي، ومن المرجح أن تسيطر سوق طائرات الهليكوبتر الخفيفة على الطلب حيث يزداد استخدام شركات السياحة للمروحيات الخاصة لمشاهدة المعالم السياحية والتصوير الجوي ونقل المجموعات الصغيرة والبضائع".
تقدر الإحصاءات الدولية سوق طائرات الهليكوبتر في آسيا والمحيط الهادئ بنحو 15.72 مليار دولار أمريكي هذا العام، ومن المتوقع أن يصل الى 23.13 مليار دولار عام 2029 بمعدل نمو يبلغ 8.03 % خلال الفترة من 2024 - 2029.
يضاف إلى هذا العامل اعتماد كبار اللاعبين على استراتيجيات مثل عمليات الدمج والاستحواذ والتعاون والشراكة لتحسين أداء طائرات الهليكوبتر.
وحول هذا الجانب تحديدا يشير أستاذ هندسة الطيران في جامعة غلاسكو مايكل كابرل لـ"الاقتصادية" قائلا "نماذج طائرات الهليكوبتر الفاخرة التقليدية ستظل هي الدعامة الأساسية على مدى السنوات الخمس إلى العشر القادمة مع توسع السوق في جميع أنحاء العالم، وفي المستقبل المنظور فإن نماذج طائرات الهليكوبتر التقليدية من كبار مصنعي المعدات الأصلية ستستمر في تلبية طلب العملاء الأثرياء والشركات".
ويضيف " لكن يلاحظ أن عددا من الاقتصادات الناشئة بدأت تدخل على خط الإنتاج مثل الهند والبرازيل، وفي البلدان المتقدمة نشهد ظهور شركات جديدة بتكنولوجيا متطورة وأقل تكلفة، هذا التطور يخلق أرضية لإمكانية الاندماج والتعاون سواء على المستوى المحلي أو بين البلدان المختلفة، في مسعى لخفض تكاليف الإنتاج ومن ثم زيادة قاعدة المستهلكين".
من جهته، يقول لـ"الاقتصادية" بريان فيرناندز أستاذ علم الاجتماعي السياسي في جامعة لندن "تتحجج معظم الجهات التنظيمية بضرورة أن تستوفي طائرات الهليكوبتر التي ستحلق في أجواء المدينة معايير محددة للسلامة توازي المعايير الصارمة في الطائرات التجارية، إذ تأخذ في الحسبان المخاطر التي يتعرض لها الركاب والأشخاص الموجودون في الشوارع المكتظة بالمارة".