توترات البحر الأحمر ووفرة الغاز الطبيعي

على الرغم من التوترات في البحر الأحمر، فمن المتوقع أن تنهي أوروبا وآسيا فصل الشتاء دون انقطاع كبير في إمدادات الغاز المسال دون ارتفاع الأسعار، حيث إن ضعف الطلب، ووفرة العرض وارتفاع مخزونات الغاز في كلا المنطقتين أدى إلى تجنب أي ارتفاعات في الأسعار الفورية في موسم التدفئة الشتوي. تجدر إلاشارة هنا إلى أن العرض لم يكن مهددا، بل هناك وفرة في معروض الغاز الطبيعي، ومن المتوقع أن تزداد في المستقبل. كشفت السعودية أخيرا عن قفزة كبيرة في احتياطيات الغاز المؤكدة بحقل الجافورة. في هذا الجانب، قال وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان: إن شركة أرامكو تمكنت من إضافة كميات كبيرة للاحتياطيات المؤكدة من الغاز في حقل الجافورة غير التقليدي بلغت 15 تريليون قدم مكعب قياسي. الاحتياطيات الإضافية المؤكدة تشمل أيضا ملياري برميل من المكثفات. وبهذا أصبحت كميات الموارد في حقل الجافورة تقدر بنحو 229 تريليون قدم مكعب قياسي من الغاز و75 مليار برميل من المكثفات. تتوقع السعودية أن تبدأ في تصدير الغاز الطبيعي بحلول 2030. هذه القفزة في احتياطيات الغاز تأتي في إطار استراتيجية السعودية في تنويع مصادر الطاقة وتعزيز مكانتها كلاعب رئيس في سوق الغاز الطبيعي على المستوى العالمي. بالفعل، رغم تأثر سلاسل إمداد الغاز المسال العالمية بسبب اضطرابات الشحن في البحر الأحمر، إلا أن العرض لم يكن مهددا، فعلى العكس انخفضت الأسعار في كل من أوروبا وآسيا إلى أدنى مستوياتها منذ عدة أشهر، حتى خلال ذروة موسم الشتاء. ومن المفترض أن يكون باقي فصل الشتاء هادئا نسبيا بالنسبة لأسعار الغاز والشحن. وفقا لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية، نحو 12 % من النفط المنقول بحرا و8 % من الغاز المسال يمر يوميا عبر مضيق باب المندب. وفي وقت سابق من هذا العام، أوقف كبار مصدري الغاز المسال الشحنات عبر البحر الأحمر وقناة السويس. مع ذلك أكدوا للعملاء والسوق أن إنتاجهم لن ينقطع، لكن على أوروبا وآسيا أن تتوقع أوقات تسليم أطول. ويقول المحللون: إن المرونة في الشحن، حيثما كانت متاحة، ستحد من تداعيات اضطرابات الشحن. على سبيل المثال، إعادة توجيه الغاز المسال الأمريكي الذي كان متجها إلى آسيا وأوروبا، ونقل الغاز المسال من منطقة الخليج العربي إلى آسيا بدلا من أوروبا. ومن خلال القيام بذلك، ستتجنب هذه الشحنات البحر الأحمر ولن تضطر إلى اتخاذ الطريق الأطول حول جنوب إفريقيا. علاوة على ذلك، مخزونات الغاز في كل من أوروبا وآسيا أعلى من المستويات الموسمية، حتى في ذروة الشتاء، ما يمنح السوق الثقة في أن إمدادات الغاز لن تشكل مشكلة في نصف الكرة الشمالي على الأقل حتى الصيف. وبطبيعة الحال، أدى ذلك إلى انخفاض الأسعار الفورية والمستقبلية في كلا المنطقتين على الرغم من التحولات في تدفق شحنات الغاز المسال نتيجة لأزمة البحر الأحمر. وفي آسيا، تراجعت الأسعار الفورية للغاز المسال تسليم أبريل إلى شمال شرق آسيا إلى أدنى مستوياتها منذ ما يقرب من ثلاثة أعوام – منذ أبريل 2021، وسط مخزونات أعلى من المعتاد وضعف المشتريات الصينية بسبب عطلة السنة القمرية الجديدة. كما أن الطلب على الغاز المسال في اليابان أقل أيضا مما كان عليه في السنوات السابقة بسبب إعادة تشغيل المفاعلات النووية، ارتفاع المخزونات، وزيادة توليد الطاقة المتجددة. في أوروبا، انخفضت الأسعار أيضا إلى أدنى مستوى لها منذ ثمانية أشهر وسط وفرة العرض واستمرار ضعف الطلب من الصناعة. كل هذا، سيحافظ على استقرار الأسعار الفورية للغاز المسال في فصل الربيع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي