تأثير استثمار صناعة الصلب في أمريكا

خلال أواخر العام الماضي، أعلنت شركة "نيبون ستيل" اليابانية لصناعة الصلب أنها توصلت إلى اتفاق لشراء شركة الصلب الأمريكية مقابل 14.1 مليار دولار ــ وهي الخطوة التي من شأنها أن تجعلها ثاني أكبر منتج للصلب على مستوى العالم من حيث القدرة الإنتاجية. وافقت شركة "نيبون ستيل" على الاحتفاظ باسم الشركة الأمريكية المنتجة للصلب "يو إس ستيل"، والإبقاء على مقر الشركة الرئيس في مدينة بيتسبرج في ولاية بنسلفانيا، واحترام جميع العقود المبرمة مع العمال الذين تمثلهم النقابات، والحفاظ على مرافق التصنيع الخاصة بها، التي ستتعرض لبعض التحديثات التكنولوجية لرفع الإنتاجية إلى مستويات أقرب إلى المستويات اليابانية. وقد تعهدت شركة نيبون ستيل بعدم نقل مصانع الإنتاج القائمة أو الوظائف الحالية إلى الخارج. إنها صفقة جيدة. ومع ذلك، قوبل هذا الإعلان برد فعل سياسي قوي من قبل الحزبين، فقد ذكر السيناتور الجمهوري جيه دي فانس أن الصفقة تعد بمنزلة "بيع جزء مهم من القاعدة الصناعية الدفاعية الأمريكية بالمزاد العلني" للأجانب "مقابل المال". وعدّ السيناتور الديمقراطي جو مانشين هذا الإجراء "تهديدا مباشرا" للأمن القومي الأمريكي. كل هذه المعارضة غير مفهومة عمليا، وليس فقط لأن عمال صناعة الصلب المتحدين لديهم تأكيدات بأنه سيتم الاحتفاظ بالموظفين، مع احترام العقود النقابية. في الواقع، ينبغي للقادة السياسيين الترحيب بالاتفاق، الذي يعد بفوائد بعيدة المدى للاقتصاد الأمريكي والعاملين فيه، بل ربما حتى بالنسبة للسياسة الخارجية والأمن في الولايات المتحدة الأمريكية. لقد حدد بايدن ثلاثة أهداف رئيسة للسياسة الاقتصادية: زيادة عدد "الوظائف الجيدة"، جزئيا من خلال تشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر، وتعزيز التصنيع والإنتاج المحلي في الولايات المتحدة، والتعجيل باعتماد التكنولوجيا الحديثة. وقد سعى بايدن أيضا إلى تحويل مزيد من التجارة، خاصة واردات السلع الأساسية، نحو حلفاء الولايات المتحدة ــ ما يسمى "بتعزيز العلاقات مع الحلفاء". ومن شأن اندماج الصلب أن يعزز كل هذه الأهداف، في حين يحتمل أن يعزز العلاقات مع حليف رئيس للولايات المتحدة. فإن تكاليف شركة الصلب الأمريكية مرتفعة بشكل خاص، حتى بالمقارنة مع المنتجين الأمريكيين الآخرين. عندما تم الإعلان عن عملية الشراء، كانت شركة "يو إس ستيل" ستخسر حصتها في السوق على الصعيدين الوطني والعالمي بشكل شبه مستمر منذ السبعينيات، حيث انخفضت من المركز الثامن في 2008 إلى المركز الـ27 في 2022، وكانت الأقل ربحية بين شركات تصنيع الصلب الأمريكية الكبرى. لا تعمل عديد من صفقات الشركات الكبرى على تحقيق أهداف السياسة الاقتصادية الثلاثة الكبرى لبايدن. ويتعين على كل الأمريكيين ـ بما في ذلك العمال في صناعة الصلب ـ الإشادة بهذا الحدث، الذي يمثل فرصة حقيقية لعكس حظوظ شركة الصلب الأمريكية وتحسين آفاق صناعة الصلب الأمريكية. وفي هذه الأثناء، سيتم تثبيط الجهات الفاعلة الأجنبية عن مواصلة / ملاحقة الاستثمارات الإنتاجية في الولايات المتحدة. وإذا لم تتمكن شركة يابانية من امتلاك مرافق التصنيع في أمريكا ـ في حين تعمل على إدخال التكنولوجيا الحديثة والاحتفاظ بالعمال وقدرة المصانع ـ دون تعريض الأمن القومي والاقتصادي الأمريكي للخطر، فهل تستطيع أي شركة أجنبية إنتاج أي شيء على الأراضي الأمريكية؟ خاص بـ "الاقتصادية" حقوق النشر: بروجيكت سنديكيت، 2024. www.project-syndicate.org

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي