أسعار النفط تميل إلى الارتفاع هذا العام
سجلت أسعار النفط أخيرا ثاني زيادة شهرية على التوالي، وأنهى خام برنت تداولات الأسبوع الماضي عند 82.08 دولارا للبرميل. مع ذلك، يعتقد المحللون أن هناك ما يكفي من إمدادات النفط لإبقاء سعر برنت هذا العام عند 81 دولارا للبرميل وخام غرب تكساس الوسيط عند 76.50 دولار، وفقا لاستطلاع أجرته "رويترز"، لكن، هناك دائما احتمال حدوث مفاجآت صعودية.
ووفقا للمشاركين في الاستطلاع، ما يبقي الأسعار منخفضة هو، أولا، أن أزمة البحر الأحمر لم تؤثر بعد في شحنات النفط في المنطقة بفضل الطرق البديلة. والسبب الثاني هو الطاقة الاحتياطية لـ "أوبك+"، التي زادت بفضل التخفيضات. من المؤكد أن تصور وجود طاقة احتياطية كبيرة هو أحد العوامل التي تجعل السوق في حالة هبوطية، حيث يفترض المتداولون أن هذه الطاقة سيتم تشغيلها بمجرد أن يحتاج السوق إليها. لكن، هذا افتراضا غير صحيح من الناحية الفنية.
ثم هناك عامل إنتاج النفط الأمريكي. في العام الماضي، توقع المحللون إضافات متواضعة في إنتاج النفط الصخري لأن عدد منصات الحفر ظل أقل مما كان عليه خلال سنوات ازدهار الصناعة. وثبت خطأ هذا الافتراض، حيث حققت الشركات مكاسب كبيرة في إنتاجية الآبار، ما دفع إجمالي الإنتاج إلى مستوى قياسي آخر. مع ذلك، يقدم المحللون مرة أخرى افتراضا جريئا لهذا العام: وهو أن مكاسب الإنتاجية ستستمر أيضا بنفس الزخم هذا العام.
لكن، إدارة معلومات الطاقة الأمريكية لا تتفق مع هذا الرأي. ففي أحدث توقعاتها للطاقة على المدى القصير، قدرت الإدارة أن إنتاج النفط الأمريكي وصل إلى مستوى قياسي مرتفع في ديسمبر عند 13.3 مليون برميل يوميا، وانخفض في يناير إلى 12.6 مليون برميل يوميا بسبب الشتاء القاسي. بالنسبة لبقية العام، تتوقع الإدارة أن يظل مستوى الإنتاج حول الرقم القياسي المسجل في ديسمبر، ولن يتم كسره إلا في فبراير 2025.
في الوقت نفسه، سوف ينمو الطلب على النفط بقوة. حيث، توقعت شركة وود ماكنزي وأوبك نمو الطلب هذا العام بنحو 1.9 و 2.25 مليون برميل يوميا على التوالي. مع إبقاء "أوبك +" على تخفيضات الإنتاج وبقاء الإنتاج الأمريكي ثابتا إلى حد كبير، إذا كان تقييم الإدارة صحيحا، فإن تشدد العرض ليس سوى مسألة وقت.
في هذا الصدد، حذر المحللون من أن سوق النفط بالفعل في حالة تشدد، وسيظهر هذا في وقت لاحق من العام. وأشاروا أيضا إلى تغيير في المنهجية التي تستخدمها إدارة معلومات الطاقة في تقدير إنتاج النفط الأمريكي، وربما أدى إلى مبالغة خطيرة في تقدير نمو الإنتاج.
من ناحية أخرى، هناك بعض التوقعات غير واقعية بشأن الطلب ويتوقع أن ينمو هذا العام بشكل أبطأ مما كان عليه في العام الماضي. ويستند هذا الافتراض إلى افتراض آخر مفاده أن مبيعات السيارات الكهربائية سترتفع بنفس الوتيرة التي ارتفعت بها العام الماضي، متجاهلين أن هذا فشل في إحداث أي تأثير في نمو الطلب على النفط. إضافة إلى ذلك، هناك افتراض بأن الشركات الأمريكية ستستمر في الحفر كما فعلت في العام الماضي. لكن، بالعكس، هناك مؤشرات من صناعة النفط الأمريكية بأنه لن يكون هناك نمو هذا العام.
إن التنبؤ بأسعار النفط بدقة مع وجود عدد كبير من المتغيرات المؤثرة، حتى على مدى أقصر الفترات، يعد أمرا غاية في الصعوبة. رغم ذلك، هناك شيء واحد مؤكد وهو: أسواق النفط قد تشهد مفاجآت سعرية هذا العام.