صناعة النفط ومسار جديد لانتقال الطاقة

حتى وقت قريب، كانت صناعة النفط تميل إلى التزام الصمت عندما تحثها الحكومات والناشطون على تسريع وتيرة تحول الطاقة.
الآن، يتغير هذا جذريا. وكان ذلك واضحا خصوصا في مؤتمر أسبوع سيرا 2024 (CERAWeek) في هيوستن، حيث دعا عديد من كبار المسؤولين التنفيذيين علنا إلى إعادة التفكير في التحول والحذر في الاندفاع للتخلي عن النفط والغاز – الذي من غير المرجح أن يحدث في أي وقت قريب.
في هذا الجانب، أكد الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو في كلمة خلال المؤتمر، الحاجة الملحة إلى وضع مسار جديد واقعي وعملي لتحوّل الطاقة يشمل النفط والغاز ومصادر الطاقة الجديدة. وأضاف "علينا أن نتخلى عن خيال التخلص التدريجي من النفط والغاز"، مشيرا إلى أن الطلب على النفط، الذي تنبأ البعض بزواله مرارا وتكرارا، سيسجل مرة أخرى مستوى قياسيا هذا العام رغم تلك التوقعات.
من جانبه، قال الرئيس التنفيذي لمؤسسة البترول الكويتية خلال المؤتمر أن "الجنوب العالمي سيشكل عنصرا كبيرا في الطلب على الطاقة في المستقبل. ومن العدل أن تكون البلدان التي تعاني فقر الطاقة قادرة على استغلال الموارد الطبيعية بطريقة نظيفة وفعالة".
ويعكس هذا التعليق تصريحات الزعماء الأفارقة الذين انتقدوا الغرب لمنعه بلدانهم من استغلال موارد النفط والغاز الكبيرة لديهم من خلال حجب التمويل من المقرضين مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. ولكن ذلك لن يترك أي فراغ، حيث تدخل المقرضون الصينيون لتمويل هذه المشاريع. بالفعل، ليس من حق الغرب الإصرار على تخطي البلدان الأفريقية مرحلة النفط والغاز والانتقال مباشرة إلى طاقة الرياح والطاقة الشمسية.
والآن يحذر المسؤولون التنفيذيون علنا من التحرك بسرعة كبيرة والانتقال إلى الكهرباء بالكامل. في هذا الجانب، جاء تعليق مباشر للغاية من الرئيس التنفيذي لشركة وودسايد للطاقة، الذي قال: "لقد أصبح الأمر عاطفيا. وعندما تكون الأمور عاطفية، يصبح من الصعب إجراء نقاش عملي".
في الواقع، هناك كثير من النقاشات العاطفية في تحول الطاقة، ولم يكن ذلك مثمرا. وبسبب هذا التركيز على العواطف، ظلت بعض المشكلات الرئيسة المتعلقة بالرياح والطاقة الشمسية مهملة فترة طويلة، ولم تظهر إلا أخيرا. على سبيل المثال، أزمة سوق الأوراق المالية في طاقة الرياح، حيث تبين أن طاقة الرياح ليست تماما رخيصة كما هو معلن عنها. ثم كان هناك تباطؤ في استيعاب الطاقة الشمسية، ما أدى إلى إلغاء الإعانات تدريجيا من قبل بعض الحكومات، ما يشير إلى أنها أيضا لم تكن رخيصة تماما كما هو معلن عنها.
لكن، يبدو أن هذه التحذيرات لن تلقى آذانا صائغة من قبل البعض الذين أعلنوا دعمهم الكامل للعملية الانتقالية. رد فعل وزيرة الطاقة الأمريكية على التحذيرات أعلاه مثالا على ذلك. حيث قالت، "هناك دراسات أخرى تشير إلى عكس ذلك، وهو أن الطلب على النفط والغاز سيبلغ ذروته بحلول 2030".
في الأصل تلك الدراسات الأخرى تطرق إليها الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو، مشيرا إلى أنها تركز على ذروة الطلب في الدول الغربية، في حين أن المحرك الأكبر للطلب الإضافي سيكون العالم النامي. ولكن حتى بالنسبة للدول الغربية، من الصعب تصور ذروة الطلب على النفط في أقل من عشر سنوات. يبلغ متوسط استهلاك الفرد من النفط في الولايات المتحدة 22 برميلا سنويا، مقابل أقل من برميلين سنويا في البلدان النامية. سيكون التخلي عن مثل هذه الوفرة من الطاقة أمرا صعبا للغاية، ولا تستطيع الرياح والطاقة الشمسية توفيرها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي