دعونا نحتفل بالأنباء السارة في الاقتصاد العالمي
انتعش نشاط التصنيع وتحسنت بعض المؤشرات المهمة للتجارة العالمية في وقت يتجنب فيه الاقتصاد العالمي ركودا ممتدا
يجب الاحتفال بالانتعاش الطفيف في التصنيع في الولايات المتحدة، عوضا عن فحصه بحثا عن الإشارات التحذيرية. الخبر السار هنا هو أن الاقتصاد العالمي تجنب انكماشا ممتدا، والذي بدا نتيجة منطقية في العام الماضي. فلا يجب على الولايات المتحدة أن تحمل على عاتقها كل هموم ومشكلات العالم، ليس بالقدر نفسه على الأقل.
سجلت الدول التي تمثل نقاطا مهمة في سلاسل توريد المصانع تسارعا في مارس. ورغم أن بيانات "مؤشر معهد إدارة التوريد" ISM فاقت توقعات بعض التجار، لكن لا تسمح لذلك بأن يحجب الأداء القوي لخطوط الإنتاج وأرصفة الموانئ في آسيا. فإذا استطاعت تلك المنطقة تحسين أدائها عن المستوى المتوسط الذي حققته العام الماضي، فقد تقدم إسهاما حقيقيا في توسع اقتصادي ممتد.
هذا أمر جدير بالابتهاج وليس الإحباط
أدى أول توسع في نشاط التصنيع في الولايات المتحدة منذ 2022 إلى تراجع التوقعات المرتبطة بحجم تحفيز الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي للاقتصاد، وموعد بدء ذلك التيسير النقدي الطفيف. وقد أعرب عدد من صناع السياسة النقدية قبل صدور تقرير معهد إدارة التوريد الإثنين، عن مخاوفهم إزاء توقع الاحتياطي الفيدرالي خفض أسعار الفائدة عدة مرات. لا يجب أن ينظر إلى البيانات الأمريكية القوية المفاجئة على أنها انتكاسة كبرى. حيث أكد كبار مسؤولي البنك المركزي لفترة أنه لا داعي للعجلة.
انتعاش التصنيع في آسيا
يحقق الاقتصاد الأمريكي أداء جيدا، بالنظر إلى التشديد النقدي السريع الذي كان السمة المميزة لعامي 2021 و2022. وكانت الصين هي القوة الكبيرة التي وجهت إليها انتقادات كثيرة.
ما يستدعي الاحتفال بالبيانات المبشرة عن التصنيع بالأخص. فقبل صدور تقرير معهد إدارة التوريد بساعات، أوضحت البيانات ارتفاع مؤشر مديري المشتريات في الصين، الذي يحظى بمتابعة دقيقة، في مارس متجاوزا التوقعات. إذ توسع نشاط المصانع للشهر الخامس. وشملت الإشارات المشجعة الأخرى زيادة الصادرات وإنهاء أطول سلسلة انكماش منذ التسعينيات في فبراير الماضي.
لا يعني أي من هذا أن التحديات أمام الصين قد انتهت، فلا يزال تدهور قطاع العقارات يؤثر في النمو، وثقة المستهلكين في تراجع، والشركات تكبح الإنفاق، وسيحتاج الاقتصاد إلى مزيد من التحفيز. لكن مقارنة بالمشاعر السلبية وسردية نهاية الصين، سيكون عدم الاعتراف بالأخبار السارة عند ورودها ضربا من الفجاجة. ربما هناك تشاؤم مبالغ فيه إزاء ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
حظي نشاط التصنيع بشهر جدير بالإشادة في اليابان وتايوان، وأنقذ أداء الصادرات القوي كوريا الجنوبية من تحقيق نتيجة مخيبة، إذ سجلت شحنات أشباه الموصلات ارتفاعا بنسبة 36 % مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وهذا أمر جدير بالإعجاب والثناء.
تحسن مؤشرات مهمة
كذلك لا يعني هذا أن الإنتاج الصناعي بلغ مستوى منشودا. فتوقعات منظمة التجارة العالمية متشائمة. رغم ذلك، لنستعين بما يسير على المسار الصحيح. منذ فترة قصيرة بدا حدوث ركود عالمي توقعا صحيحا. ومع ذلك، سارعت البنوك المركزية إلى تقييد التوسع، وغالبا ما يحدث في ذلك إفراط.
في الأغلب لا تدرك السلطات نجاح تشديد السياسة النقدية إلا بعد فوات الأوان. كما ساد القلق منطقة اليورو والمملكة المتحدة بوجه خاص. التوسع في آسيا لم ينته، لكن أزمات الصين حجبته. بدا أن الولايات المتحدة وحدها لديها القوة الكافية لحمل عبء الاقتصاد العالمي.
يتبدد هذا القلق، والاحتفال الآن سابق لأوانه، لكن بعض المؤشرات المهمة للاقتصاد العالمي تظهر تحسنا. لا تدع الكمال يصبح عدوا للخير. فما حدث في مارس كان تحسنا.
خاص بـ "بلومبرغ"