المشاعر الصعودية تهيمن على أسواق النفط
المشاعر الصعودية تهيمن على أسواق النفط متأثرة بشكل كبير بالمخاوف المتزايدة من نشوب صراع آخر في الشرق الأوسط، واستمرار تخفيضات "أوبك+" وتحسن توقعات النمو في بعض الاقتصادات العالمية الرئيسة. في الوقت الحالي، لدى سوق النفط أسباب كافية للاعتقاد بأن هذه العوامل مجتمعة لديها القدرة على تعويض أي نمو في العرض من المنتجين من خارج "أوبك"، في وقت توقعات نمو الطلب في بعض الدول الرئيسة المستهلكة للنفط، مثل الصين، معتدلة تقريبا.
ومع تزايد التوترات في الشرق الأوسط، تهيمن العوامل الجيوسياسية على مشاعر سوق النفط، حيث تمثل المنطقة ما يقرب من 40 % من صادرات النفط العالمية. وأي تصعيد إضافي للصراع في المنطقة يمكن أن يؤثر بشكل حاد في التدفقات التجارية عبر مضيق هرمز، الذي يمر عبره نحو 20 مليون برميل يوميا من النفط الخام والمكثفات والوقود المكرر، إلى جانب ما يقرب من 11 مليار قدم مكعب يوميا من الغاز المسال.
ودفع التصعيد الحاد للتوترات في الشرق الأوسط السوق إلى التساؤل عما إذا كان تدفق النفط الإيراني إلى المصافي المستقلة في الصين يمكن أن يستمر دون انقطاع. في الوقت الحالي، الرأي المتفق عليه هو أن الأحجام ستظل على الأرجح مستقرة في المستقبل المنظور.
ولإعطاء فكرة عن الكميات التي تتدفق عادة إلى الصين من إيران، تشير التقديرات إلى أن المصافي المستقلة استوردت في مارس نحو 1.14 مليون برميل يوميا من النفط الخام وزيت الوقود الإيراني، وفقا لوكالة ستاندرد آند بورز. وفي حالة فرض عقوبات أكثر صرامة، قد تواجه شركات التكرير المستقلة في الصين صعوبة في شراء تلك الشحنات، ما قد يترك مجالا لإمدادات بديلة.
من المتوقع أن ترتفع مخزونات النفط العالمية خلال شهر مايو، لكن هذا قد لا يكون كافيا لكبح جماح أسعار النفط وسط التوترات الجيوسياسية المستمرة واستراتيجية "أوبك+" الداعمة لإدارة السوق. ونتيجة لذلك، رفعت وكالة ستاندرد آند بورز توقعاتها لسعر خام برنت لعام 2024 إلى 85 دولارا للبرميل. وطالما أبقت "أوبك+" على تخفيضات الإنتاج، سيكون هناك دعم لأسعار برنت فوق 80 دولارا للبرميل أو أعلى للفترة المتبقية من هذا العام.
في حين، ستكون توقعات الطلب على النفط في الصين أحد العوامل الهبوطية، ولكن مدى تأثيرها في الأسعار لا يزال يتعين رؤيته. فبعد أن شكلت الصين ما يقرب من نصف النمو العالمي في الطلب على النفط في الفترة من عام 2000 إلى عام 2023، تنتقل الآن إلى نمو أبطأ. لكن، هذا لا يعني في حد ذاته انخفاض الأسعار.
من جهة أخرى، رفع صندوق النقد الدولي مرة أخرى توقعات النمو الاقتصادي العالمي لعام 2024 إلى 3.2% من 3.1%، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى الاقتصاد الأمريكي القوي والتوقعات الأفضل إلى حد ما للمملكة المتحدة والهند، حيث تم تعديل توقعات النمو للولايات المتحدة صعودا إلى 2.7% من 2.1%.
وعلى الرغم من استمرار حالة عدم اليقين في الاقتصاد الكلي العالمي، هناك علامات على التحسن في أعقاب التدابير السياسية الداعمة في عديد من البلدان، ولا سيما الصين - المستهلك الرئيس للنفط والسلع الأساسية الأخرى.
سيراقب السوق أيضا عن كثب نمو إنتاج النفط من خارج "أوبك+" والهجمات على المصافي الروسية، لأنها توفر عاملا صعوديا على أسعار النفط الخام والمنتجات، حيث لا يزال نحو مليون برميل في اليوم من طاقة التكرير الروسية متوقفة عن العمل بسبب الهجمات.