نفايات الطاقة المتجددة مشكلة متفاقمة
مع زيادة القدرة العالمية للطاقة المتجددة، تزداد أيضا كمية النفايات الناتجة عن أنشطتها. إذا لم تعالج هذه المشكلة قريبا، قد تصبح تهديدا جديدا للبيئة وصحة الإنسان. رغم أن تحول الطاقة يساعد إلى حد ما على تخفيف الانبعاثات، لكن من المهم أيضا النظر في آثار أنشطة الطاقة المتجددة التي قد تترتب على البيئة.
تتمتع الألواح الشمسية وتوربينات الرياح بعمر محدود ويجب التخلص منها بشكل مناسب بمجرد انتهاء صلاحيتها. رغم إمكانية إعادة تدوير بعض المكونات وإعادة استخدامها، إلا أن كثيرا من المعدات ينتهي بها الأمر في مدافن النفايات بسبب نقص البنية التحتية اللازمة لإدارة المواد بشكل مناسب. تحتوي الألواح الشمسية على مكونات يمكن أن تكون ضارة بالإنسان، مثل الرصاص والكادميوم، إضافة إلى مواد أخرى، مثل الزجاج والألمنيوم والسيليكون، التي يمكن أن تكون ضارة بالبيئة إذا تم التخلص منها بشكل غير صحيح.
وضع المعايير هي إحدى الطرق التي يمكن بها إدارة النفايات، مثل تعليمات نفايات المعدات الكهربائية والإلكترونية الصادر عن الاتحاد الأوروبي، الذي يوفر مبادئ توجيهية لجمع الألواح الشمسية ومعالجتها وإعادة تدويرها واستعادتها. ومع ذلك، لم تقم عديد من البلدان حتى الآن بإدخال معايير واضحة للتخلص من معدات الطاقة المتجددة، ما أدى إلى التخلص منها بطرق غير سليمة.
تعمل عديد من البلدان على زيادة قدراتها في مجال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بشكل سريع، التي تعتمد على إنتاج وتركيب الملايين من الألواح الشمسية والتوربينات. بالفعل، يتم تركيب عشرات الملايين من الألواح الشمسية كل عام في الولايات المتحدة وحدها، وعلى مستوى العالم يتجاوز الرقم 100 مليون. رغم الوتيرة المتسارعة لعملية الطرح، هناك عدد قليل من مرافق إعادة التدوير المجهزة لإدارة النفايات.
بعض البلدان تدير عملية التخلص من المعدات بشكل أفضل من غيرها. على سبيل المثال، تدعي فرنسا أنه تم تحقيق كفاءة إعادة التدوير بنسبة 90 % في بعض المرافق الرئيسة لديها. ومع ذلك، لا يوجد لدى بلدان أخرى آليات قائمة حتى للنظر في إعادة تدوير المعدات القديمة. في حين أنه من المهم وضع آليات مناسبة للتخلص من النفايات، إلا أنه يمكن أن يكون أيضا عملا مربحا. ووفقا لدراسة أجرتها الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (إيرينا)، تقدر القيمة التراكمية للمواد التي يمكن إعادة تدويرها من نفايات الطاقة الشمسية الكهروضوئية بنحو 4 مليارات دولار بحلول عام 2040، و8.8 مليار دولار بحلول 2050.
إن إمدادات عديد من المواد المستخدمة لإنتاج معدات الطاقة المتجددة محدودة، ما يعني أن من المهم إعادة تدويرها لإعادة إنتاج المعدات لمواصلة التوسع. ووفقا لإيرينا: "بحلول 2050، سيكون هناك أكثر من 210 مليون طن من نفايات الطاقة الشمسية الكهروضوئية على مستوى العالم".
رغم وجود بروتوكولات معمول بها لإدارة التخلص من المعدات القديمة، التي تنص على وجوب نقل نفايات الألواح الشمسية من المحطات إلى مقاولي النفايات الإلكترونية، إلا أن القليل منهم يلتزم بهذه القواعد. معظم مزارع الطاقة الشمسية تقع في مناطق نائية ويجب الدفع لنقل المعدات القديمة إلى المقاولين المعتمدين.
ولضمان التخلص من معدات الطاقة المتجددة بشكل مناسب، وإعادة تدويرها حيثما أمكن، يجب على الحكومات وضع معايير ولوائح واضحة للتخلص من نفاياتها. علاوة على ذلك، يجب عليهم التأكد من وجود الآليات وتوافر التمويل لضمان التخلص السليم. وبدون المعايير اللازمة، يمكن لمعدات الطاقة المتجددة أن تسهم في المشكلات البيئية والصحية في العقود المقبلة. ليس أمام العالم سوى الوصول إلى مستويات مقبولة لإعادة تدوير هذه المعدات، التي لا تشكل أهمية في إنتاج معدات جديدة فحسب، بل تحقق عوائد وتقلل من الأضرار البيئية.