أوبك وسياسة خفض الإنتاج التدريجي

توصلت أوبك+ في الثاني من يونيو، إلى اتفاق يقضي بتمديد تخفيضات الإنتاج بمقدار 3.66 مليون برميل يوميا حتى نهاية 2025، مع إعادة 2.2 مليون برميل يوميا أخرى من التخفيضات الطوعية تدريجيا ابتداء من أكتوبر من هذا العام.

وتهدف المراجعة الدورية لمستوى إنتاج أوبك+ إلى دعم استقرار وتوازن أسواق النفط. في سياق أوسع، تعكس إستراتيجية حذرة ومحسوبة للتنقل في عواقب سوق النفط، من خلال الاحتفاظ بخيار تعديل تخفيضات الإنتاج. حيث، تضع أوبك+ نفسها في وضع يمكنها من التعامل بشكل أفضل مع تقلبات السوق.

لكن القرار الأخير أدى في البداية إلى رد فعل في أسواق النفط، حيث هبطت الأسعار في الأيام التالية للإعلان. مع ذلك، من غير المرجح أن تكون أوبك+ قد فقدت قدرتها على التأثير في أسواق النفط، حيث تمثل المجموعة نحو 40 % من إنتاج النفط العالمي. بالفعل، استعادت الأسعار بعد ذلك معظم خسائرها مدعومة بتطمينات من السعودية وروسيا استعدادا لوقف زيادات الإنتاج أو إلغائها إذا رأت أن السوق ليست قوية كفاية.

ربما في البداية قرأت السوق قرار أوبك+ بصورة غير صحيحة، لذلك كان رد الفعل الفوري للسوق مبالغا فيه نظرا إلى أن أساسيات العرض والطلب لم تتغير. ودعم ذلك، تقارير بعض البنوك، وسائل الإعلام والمحللين الذين حاولو التقليل من مخرجات الاجتماع ووصفه بالضعيف.

في هذا الجانب، فند وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان خلال مشاركته في جلسة حوارية خلال منتدى بطرسبرغ الاقتصادي الدولي هذه الادعاءات قائلا: "إن التكهنات الإعلامية دائما ترفع التوقعات بشأن ما ستفعله أوبك+، بشكل يشوه السوق". وأضاف "في جميع الحالات، سيحاولون رفع التوقعات بشأن ما ستفعله أوبك+. لذلك، عندما يتم اتخاذ هذا القرار، يجب أن يكون أقل من تلك التوقعات".

كما انتقد تقرير بنك "جولدمان ساكس" الذي صدر بعد انتهاء الاجتماع، قائلا "يريدون أن يوجدوا جوا يشير إلى ضعف الاجتماع، لكن أنا والعقلاء نرى أنه ليس هناك اجتماع أكثر نجاحا وأهمية من ذلك الاجتماع الذي عقدناه في أبريل 2020 للتعامل مع حالة الجائحة، وكذلك اجتماع الأحد الماضي".

بالفعل، التخلص التدريجي من تخفيضات الإنتاج يتبع جدولا مثيرا للاهتمام. حيث من المقرر أن تستمر التخفيضات الطوعية البالغة 2.2 مليون برميل يوميا المعلن عنها في نوفمبر 2023 حتى نهاية سبتمبر 2024، ثم سيتم الإلغاء التدريجي على أساس شهري حتى نهاية سبتمبر 2025 لدعم استقرار السوق. ويشير هذا إلى أن الدول الأعضاء في أوبك+ احتفظت بالحرية اللازمة برفع الإنتاج.

وسيعتمد سلوك أسعار النفط في المستقبل على حالة العرض والطلب. قبل أسبوع تقريبا من اجتماع أوبك+ الأخير، صرح الأمين العام لمنظمة أوبك أنه من المتوقع أن ينمو الطلب العالمي على النفط بمقدار 2.2 مليون برميل يوميا هذا العام ليصل إلى 104.5 مليون برميل يوميا. في حين، من المتوقع أن ينخفض النمو إلى 1.8 مليون برميل يوميا في 2025 ليصل إلى 106.3 مليون برميل يوميا في 2025. ومن هذا الإجمالي، ستكون حصة نمو الطلب التي ستلبيها أوبك+ العام المقبل 800 ألف برميل يوميا، والتي ستخضع لقرارات المجموعة.

ختاما، يهدف الإنهاء التدريجي طويل المدى لخفض الإنتاج الذي أعلنته أوبك+ في الثاني من يونيو إلى الإشارة إلى أن الأسعار ستظل مرتفعة في العام المقبل، رغم أن الأسواق ربما تكون قد قرأت معنى مختلفا على المدى القصير لأسعار النفط في الأسواق العالمية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي