الاستثمار مع المليارديرات يفقد جاذبيته

أدوات الاستثمار التي تقودها العائلات تعاني فارقا بين القيمة السوقية والحقيقية، ما يتطلب رسالة أكثر ودية للمساهمين 

نحن أغنياء، ويمكنك أيضا أن تصبح أكثر ثراء إذا استثمرت معنا. لا يلقى العرض الضمني ذلك لشراء الأسهم في الشركات العائلية في أوروبا آذانا صاغية. ويبدو أن الفارق في القيمة السوقية والحقيقية في هذا القطاع غير العادي بصدد التقلص.
أبرز مثال على هذه الظاهرة هو الشكوك تجاه شركة إكسور (Exor) التابعة لعائلة أنييلي. فقيمتها السوقية البالغة 21.5 مليار يورو (23.1 مليار دولار) تقل بنحو 40 % عن آخر صافي قيمة أصول تعلنه الشركة، ويقترب الفارق من 45 % عند تعديلها وفق القيمة الحالية لأصولها المدرجة. تقترب هذه الفجوة من أعلى مستوى تاريخي، وتأتي رغم تفوق صافي قيمة الأصول لكل سهم على المؤشر "إم إس سي آي العالمي" (MSCI World) في العام الماضي وعلى المدى الطويل.

فوارق كبيرة
بالمثل، تعاني "غروب بروكسل لامبرت" (Groupe Bruxelles Lambert) البلجيكية فوارق كبيرة. وتسيطر على المجموعة أسرتا فرير وديسمارايس، وكذلك نظيرتاها الفرنسيتان "ويندل" (Wendel) و"يورازيو" (Eurazeo). وفارق في صافي قيمة الأصول بنطاق 35 % ليس غريبا على القطاع. لكن هناك استثناءات، مثل شركة "إنفيستور" (Investor) السويدية؛ حيث يرتفع متوسط الفارق إلى نطاق 40 %.
لماذا إذن تشتري أسهما في شركة ذات مساهم مهيمن تستثمر في عدد قليل من الشركات الأخرى التي يمكنك الانكشاف على معظمها مباشرة؟ الفكرة الأساسية هي الاستفادة من الفكر المالي لفريق الإدارة. وثمة منظور آخر، وهو الوصول إلى استثماراتها غير المدرجة. ويمكن لمثل هذه الأدوات في كثير من الأحيان التفاوض بشأن تمثيل مجلس الإدارة في الشركات التابعة لها، ما يتيح لها التأثير الاستراتيجي.
لكن أسباب رفض الفرص المزعومة عديدة أيضا. فقد قلص ارتفاع أسعار الفائدة جاذبية هذه الأدوات كأسهم تدر أرباحا على المساهمين. وقد يشعر المستثمرون الخارجيون بالقلق أيضا حيال ما إذا كانت تقييمات أصول الأسهم الخاصة توضح ارتفاع تكلفة الديون. وعلاوة على ذلك، فإن هذا القطاع المختص لا علاقة له بالمعايير التي يتم من خلالها تقييم معظم مديري الأموال المحترفين.

أهداف صعبة
فوق كل ذلك، فإن الحيازات العائلية الكبيرة تجعل الشركات أهدافا صعبة للمساهمين النشطين الذين يسعون إلى تغيير الأمور. يوفر قطاع صناديق الاستثمار في المملكة المتحدة الذي تبرز فيه شركة "إليوت مانجمنت كورب" (Elliott Management Corp)، مكانا أسهل لاقتناص الصفقات.
من جانبها، تواجه "إكسور" مشكلة محددة، القلق من أنها قد تبدد العوائد من تخلصها في الآونة الأخيرة من شركة التأمين "بارتنر ري" (PartnerRe)، البالغة قيمتها 9.3 مليار دولار، في الوقت الذي تحول فيه تركيزها إلى الرعاية الصحية والتكنولوجيا والرفاهية. وأُتيحت حصة نسبتها 15 % في "رويال فيليبس" في أغسطس، عندما كانت شركة التكنولوجيا الصحية غارقة في حال من عدم اليقين المحيط بسحب منتج. وكانت تلك مقامرة رغم أنها آتت ثمارها على ما يبدو.
إذن: تحدث مشكلة عند اتساع الفجوة بين القيمة السوقية والقيمة الجوهرية أو الحقيقية. فبادئ ذي بدء، يتعين على مجالس الإدارة تعظيم العوائد للمساهمين. وهناك أيضا مشكلة عملية: ماذا لو أرادت عائلة أنييلي الاستفادة من انخفاض التقييمات في قطاع المنتجات الفاخرة لإجراء صفقة كبيرة لاستكمال الممتلكات الحالية في شركتي "فيراري" و"كريستيان لوبوتان" (Christian Louboutin)؟ لدى "إكسور" مجال كبير لجمع أموال من خلال بيع أدوات دين، لكن سعر السهم الضعيف من شأنه أن يجعل جمع رأس مال عن طريق بيع أسهم للمستثمرين أكثر خفضا في نسبة ملكية الحصة من الأسهم إذا لزم الأمر.

لا حلول سهلة
لكن لا حلول سهلة. نتائج "إكسور" التالية تستفيد من تبني تغيير في قواعد المحاسبة، ما يحقق البساطة ومكاسب لمرة واحدة. ومن الصعب أن نرى أن لهذا تأثيرا كبيرا في سعر السهم؛ نظرا لأنه من السهل نسبيا تسعير المحفظة خارجيا.
هناك أداة أكثر فعالية لتضييق الفارق بين القيمتين السوقية والحقيقية، وهي تحويل التدفق النقدي لشراء أسهم الشركة الخاصة. ويؤدي هذا تلقائيا إلى تعزيز حساب صافي قيمة الأصول لكل سهم بسبب عدم تطابق التقييم. والجميع مهتم بذلك: فشركة "لامبرت" تتطلع إلى شراء 5 % من أسهمها خلال العام المقبل أو نحو ذلك.
العقبة هي أن هذا يستنزف القدرة على القيام باستثمارات استراتيجية، وهو الغرض الأساس للشركة. ويبدو أن عمليات إعادة شراء الأسهم يجب أن تكون كبيرة لإحداث فارق كبير. لم يفعل برنامج "إكسور" الأخير بقيمة مليار يورو شيئا يذكر لتحسين تقييمها، في حين أن "يورازيو" (Eurazeo)، وهي أيضا شركة إدارة صناديق بأموال خارجية، أعطت دفعة كبيرة لأسهمها في نوفمبر الماضي عندما قالت إنها ستعيد شراء نحو 30 % من قيمتها السوقية.
يقول جون بيريز، المحلل في شركة "كيبلر تشيفرو" (Kepler Cheuvreux): "لست متأكدا من قدرتك على فرض تقليص الفارق بين القيمة السوقية والحقيقية. فإدارة هذه الفوارق تتعلق بإدارة الشركة القابضة، واتخاذ القرارات الصحيحة بشأن تخصيص رأس المال. وهذا ما ستعترف به السوق".

الدراية بالمشكلة
من الممكن أن يؤدي الارتداد -الافتراض أن سعر الأصل، وهنا السهم، سيميل إلى التقارب مع متوسط السعر بمرور الوقت- إلى تراجع فوارق صافي قيمة الأصول الكبيرة حاليا إلى متوسطات تاريخية. لكن لا يمكن افتراض ذلك. ففي الوقت الحالي، تزداد بشدة العوائق أمام استثمار هذه الشركات في أي شيء آخر غير أسهمها.
يفضل هنا لفرق الإدارة الإشارة بشكل متكرر إلى أنهم على دراية بهذه المشكلة. أدرك هذه الفكرة وليام كادوش-شاسينج، الرئيس التنفيذي المشارك لشركة "يورازيو". فقد قال إن الشركة عليها واجب "تخفيض الفارق بالكامل" في العام المقبل، مع الاعتراف بشكل عملي بأن نحو 20 % إلى 25 % قد تكون النقطة التي يمكن أن تتباطأ عندها عمليات إعادة شراء الأسهم.
بطبيعة الحال، تشكل زيادة قيمة المحفظة الوظيفة الأولى لهذه الشركات. ولكن إذا قوض انخفاض قيمة الأسهم هذه المهمة، فمن الصعب رؤية جدوى من الإدراج في سوق الأسهم.

خاص بـ «بلومبرغ»            

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي