ضرورة التعاقدات الصغيرة الضامنة من الأخطار
يعتمد العالم في تنويع قاعدته الاقتصادية على المنشآت الصغيرة والمتوسطة لإسهامها في زيادة أعداد المنشآت وتسهم في إيجاد بيئة تنافسية تعزز توليد الوظائف وزيادة الطلب على السلع المحلية الذي بدوره يعزز الطلب والإنتاج المحلي. دورة عمر الشركات تنشأ ثم تتسع فتكبر حتى تصل إلى مرحلة من النضج يكون الأساس فيها المحافظة على طبيعة الأعمال ودرء الأخطار التي تتعرض لها تلك المنشآت إن كان في الأعمال أو في الدورة المالية أو بتعاقب الخبرات الإدارية وبكل تأكيد تزداد هذه الأخطار لدى الشركات العائلية التي يصعب عليها الاستمرارية بتعاقب الأجيال فنسبة كبيرة منها يعاني حين يصل إلى الجيل الثالث إما بسبب الأزمات التي تمر بها الشركات بعد تعدد الأجيال واختلاف القيادات أو بسبب تفكك الملكيات كنتيجة لاقتسام الإرث أو كل التبعات القضائية التي تنشأ بسبب اختلاف وجهات النظر، الأمثلة التي مرت بمثل هذه الظروف عديدة إن كان محليا أو على المستوى العالمي سواء كان ذلك في الاقتصاديات المتقدمة أو الناشئة فلا فرق يذكر في التعامل الفردي مع المال والقيادة إلا لدى تلك الكيانات التجارية العائلية التي عملت من الأساس على تشكيل هيكل واضح ودستور تتعاقب عليه الأجيال جيل بعد جيل.
بعد هذه الجولة في مراحل تطور الكيانات التجارية نعود إلى الأساس حيث كل عمل تجاري يبدأ صغيرا ويتطور مع الزمن متى ما حالفه التوفيق ويبقى الفارق الجهوري في استيعاب هذا التغير لحجم الأعمال والاستناد على الأطر اللازمة لضمان ديمومة الأعمال فيها بما يتماشى مع الهيكل التنظيمي اللازم لكل مرحلة. لذلك بدأ العالم يرعي الحوكمة اهتمام أكبر في السنوات الأخيرة وصولا إلى الكيانات التجارية المحلية في السعودية. تمثل الحوكمة باختصار مجموعة المسؤوليات والممارسات المنوطة بمجلس الإدارة والإدارة التنفيذية لضمان تحديد التوجه الإستراتيجي وضمان تحقيق الأهداف في إطار يشمل إدارة المخاطر والاستغلال الأمثل للموارد المتاحة. لقد وضع للحوكمة أطر عالمية كمنهج ومبادئ تتبع من عند منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وقوانين أخرى مثل قانون ساربينز أو كسيلي والاتحاد الدولي للمحاسبين، وضعت جميعها لضمان تطبيق منهجية واضحة للحوكمة.
رغم ذلك يظهر تحدي آخر مهم يمثل التهاون في تنفيذ بعض التعاقدات المهمة التي من شأنها بناء إطار يحمي الكيانات التجارية مثل الغطاء التأميني للمنشآت ومرافقها والأغطية التأمينية التي تضمن سلامة القرارات أو تقليل أثرها السلبي في المنشآت مثل تأمين المخاطر لأعضاء المجالس والإدارات التنفيذية حاله حال التأمين ضد الأخطاء الطبية على سبيل المثال. يأتي التغاضي عن مثل هذه الخطوات بالعادة ومن الممارسات الشائعة، لأن ارتباط مثل هذه التعاقدات يعد ارتباط غير مباشر بالأعمال نفسها وإنما هي تكاليف إضافية تتحملها المنشآت اليوم لتفادي مخاطر قد لا تقع في المنظور القريب أو لا تقع أبدا لذلك يتغاضى عنها أحيانا الشركاء أو أعضاء المجالس والإدارات التنفيذية لما يترتب عليها من أثر في زيادة الأعباء المالية ورغبة في استمرار تعظيم الربحية إلا أن شأنها شأن التأمين الطبي أو تأمين المركبات إذا ما اضطر لها الفرد مرة واحدة كفته عن ما كان سيتحمله لو أن تلك البوليصة غير متوفرة، يمتد هذا أيضا إلى التعاقدات الاستشارية القانونية التي تحمي الكيانات من الوقوع في مخالفات نظامية تجعلها عرضة للمسائلة القانونية مثلا.
يعد الاهتمام في مثل هذه الأطر من التعاقدات من الدلالات الضرورية على وعي مهم يحمي مصالح المنشآت ويضمن لها العمل ضمن بيئة تمكنها من تفادي الأخطار ذات الاحتمالية الضعيفة.