الاقتصاد البريطاني أمام تحديات النمو البطيء والديون المرتفعة .. وحلان لا ثالث لهما

الاقتصاد البريطاني أمام تحديات النمو البطيء والديون المرتفعة .. وحلان لا ثالث لهما
مركز اقتراع في محطة الإطفاء القديمة في هاكني، شرق لندن وتجرى اليوم في بريطانيا الانتخابات العامة. "الفرنسية"

أيا كانت نتائج الانتخابات البريطانية، وأيا كانت طبيعة الحكومة المقبلة، وسواء تحققت ترجيحات استطلاعات الرأي وفاز حزب العمال أو حدثت المفاجأة وظل المحافظون في سدة الحكم، فالتحديات الاقتصادية المعقدة التي تتطلب حلولا جذرية ستكون القضية المهيمنة على جدول أعمال الحكومة لسنوات.

منذ انحاز الناخب البريطاني لخيار الخروج من الاتحاد الأوروبي والوضع الاقتصادي في البلاد يزداد تدهورا وصعوبة، ولعبت جائحة كورونا والاضطراب العالمي في سلاسل التوريد، وما تلاها من اندلاع للحرب الروسية - الأوكرانية دورا رئيسا في انتقال الوضع الاقتصادي البريطاني من السيء إلى الأسواء.

تلخص الدكتورة إزابيلا توماس أستاذة الاقتصاد المقارن، الوضع الاقتصادي في المملكة المتحدة بالقول "المعضلة الاقتصادية تختصر في نمو بطيء وديون مرتفعة".

وتؤكد لـ"الاقتصادية" أن الانتخابات تجرى على خلفية وضع اقتصادي متراجع، رغم أن الاقتصاد نما خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام 0.7% وهذا أعلى من 0.6% المتوقعة، مضيفة "لكن نلاحظ أن الناتج المحلي الإجمالي نما فقط 1.8 % منذ نهاية 2019، وهو ثاني أدنى مستوى في مجموعة السبع، ولا يزال دخل الأسرة البريطانية أقل مما كان عليه في 2019".

وتقول: "التضخم ورغم انخفاضه إلى 2 % للمرة الأولى منذ ثلاث سنوات، فإن الأسعار المرتفعة تضغط على الأسر البريطانية، كما أن أسعار الفائدة المرتفعة التي تصل إلى 5.25 %، وهذا يثقل كاهل الأسرة البريطانية بسبب ارتفاع الرهن العقاري".

لا تختلف وجهة نظر الباحث الاقتصادي في مركز جامعة أكسفورد للأبحاث تشارلي أوسكار عن وجهة النظر السابقة، لكنه يعد أن تحدي تصاعد الدين العام وبلوغه أعلى مستوى منذ 1961 يزيد التحديات أمام أي حكومة مقبلة، وسيكون من الصعب عليها زيادة الإنفاق العام إلا برفع الضرائب أو بمزيد من الاقتراض.

ولـ"الاقتصادية" يقول: "صافي ديون القطاع العام بلغ 3.47 تريليون دولار أو 99.8 % من الناتج المحلي الإجمالي، وبسبب جائحة كورونا، تضررت المالية العامة جراء تباطؤ النمو الاقتصادي وارتفاع أسعار الفائدة إلى أعلى مستوى في 16 عاما".

في الواقع فإن ارتفاع معدل البطالة في المملكة المتحدة عكر صفو الأجواء الانتخابية بالنسبة لحزب المحافظين وأضعف فرص رئيس الوزراء ريشي سوناك، حيث أظهر سوق العمل مزيدا من علامات التباطؤ في أبريل، فخلال الربع الأول من العام الجاري بلغ معدل البطالة 4.3 %، وزاد في أبريل إلى 4.4 % وهو الأعلى منذ سبتمبر 2021

من جهته، يقول لـ"الاقتصادية" إل.دبليو. سيمون من مركز دراسات التوظيف "لم يتغير معدل البطالة كثيرا بين الربع الأول من العام وأبريل، لكن الدلائل تشير إلى تباطؤ سوق العمل، وهناك ارتفاع مستمر في عدد الأشخاص في سن العمل الذين ليس لديهم وظيفة ولا يبحثون عن عمل، ويعرف ذلك بمعدل (عدم النشاط) ويبلغ حاليا 22 %. وبريطانيا هي الاقتصاد الوحيد في مجموعة السبع الذي تظل فيه نسبة الأشخاص في سن العمل خارج القوى العاملة أعلى مما كانت عليه قبل الوباء".

رغم الأحاديث المتفائلة لزعماء الأحزاب فإن أي شخص سيحتل 10 داونينج ستريت بعد الانتخابات سيواجه عوائق اقتصادية كبيرة تحول دون وضع الاقتصاد على مسار النمو، إذ تعاني المدارس والمستشفيات ووسائل النقل العام منذ سنوات نقص الاستثمار، خاصة أن الاستثمار الأجنبي في الخدمات المالية والمهنية انخفض إلى النصف العام الماضي في ظل المنافسة الشديدة من أسواق المال الأوروبية والأمريكية.

الأكثر قراءة