"عمال" بريطانيا يواجه تحدي نمو الإنتاجية وتداعي النظام الصحي

"عمال" بريطانيا يواجه تحدي نمو الإنتاجية وتداعي النظام الصحي

قال رئيس الوزراء البريطاني الجديد كير ستارمر في أول مؤتمر صحفي له اليوم بعد توليه مهام منصبه أن حكومته ستشخص مشاكل بدقة وتتخذ القرارات الصعبة بسرعة، مؤكدا أن التغيير سيكون خلال الأشهر الأولى من عمر الحكومة.

وفاز حزب العمال في المملكة المتحدة، بقيادة كير ستارمر، بالانتخابات العامة التي جرت في البلاد أمس الأول الخميس، لينهي 14 عاما من حكم المحافظين.

ويثير هذا التغيير في القيادة السياسية بالمملكة تساؤلات حول سياسات الحكومة الجديدة، داخليا وخارجيا.

ويتناول تحليل نشره المعهد الملكي للشؤون الدولية (تشاتام هاوس) فكرة أن ستارمر ووزير خارجيته سيواجهان صعوبة تتعلق بالقرارات الأولية بشأن السياسة الخارجية للبلاد، فهل يستطيع "العمال" إعادة بناء نفوذ بريطانيا وسمعتها ومصالحها؟ ويرى المدير والرئيس التنفيذي لتشاتام هاوس، برونوين مادوكس، ومديرة المملكة المتحدة في برنامج العالم التابع تاتشام هاوس أوليفيا أوسوليفان، في التحليل، أن إحدى العلامات المهمة للانتخابات البريطانية هي أن نتائجها، التي كانت متوقعة على مدار أشهر، لاتزال تحمل احساسا بالغموض بشأن ما هو قادم.

ومن الناحية النظرية، ليس هناك فرق شاسع بين غالبية عناصر السياسة الخارجية لكل من العمال، والمحافظين. وتتعلق أكبر الاختلافات بالعلاقات مع أوروبا، والهجرة غير الشرعية، والموقف من الصين، وحرب أوكرانيا. وما عدا ذلك، فهناك هناك تشابه يصل لحد مدهش بين سياسة الحزبين.

وستصدر قرارات مبكرة من شأنها أن تحدد النهج الذي ستتبعه حكومة العمال في التعامل مع مكانة المملكة المتحدة في العالم، والبدء في إعطاء إجابات لأسئلة لم يرد عنها أي شيء خلال الحملة الانتخابية.

وستعتمد قدرة العمال لتحسين مكانة بريطانيا في العالم على ما إذا كان الحزب يستطيع حل المشاكل الداخلية، بما في ذلك الإخفاق في تحقيق نمو في الإنتاجية، والنظام التعليمي المتفاوت، وأوجه التباين الإقليمية، والنظام الصحي المتداعي.

أمريكا وحلف شمال الأطلسي

وستأتي أول فرصة بعد خمسة أيام فقط من الانتخابات، مع انعقاد قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في واشنطن، حيث تتاح لستارمر فرصة تأكيد دعمه لأوكرانيا، وهو في ذلك يتفق مع رأي المحافظين. ولكنه سيتعرض لضغوط كي يوضح على وجه التحديد متى يعتزم حزبه إنفاق 2.5% من إجمالي الناتج المحلي للمملكة على شؤون الدفاع، مقابل 2.3% حاليا.

ويضاف إلى ذلك أن المشهد الأمريكي قد تغير منذ صدر عن ستارمر هذا التعهد. وقد أدت الهشاشة الظاهرة للرئيس الأمريكي جو بايدن إلى حالة جديدة من الغموض في السباق الرئاسي، ما يجعل فوز دونالد ترمب الاحتمال الأكبر.

والقرار الذي يتعين على ستارمر اتخاذه هو إلى أي مدى يجب عليه أن يحاول إقناع أمريكا ــوالأعضاء المترددين الآخرين في الناتو- بمواصلة الدفاع عن أوكرانيا، ليس على أساس السيادة فحسب، بل على أساس الأمن الأوروبي.

أوروبا
وستتاح فرصة ثانية في 18 يوليو عندما يستضيف رئيس الوزراء نحو 50 من زعماء أوروبا المشاركين في المجموعة السياسية الأوروبية. وليست هذه مجرد فرصة لإظهار شخصية رجل الدولة والتأكيد على اهتمام بريطانيا بالقيم الليبرالية بما في ذلك سيادة القانون، وهي الصورة التي شوهت جراء مناورات الحكومة منذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست).

وستكون هذه فرصة أولى لتحديد تفاصيل الشكل الذي قد تصبح عليه علاقة أوثق مع الزعماء الأوروبيين.

وسيتعين على ستارمر تدبير كيفية وضع حكومة يسار الوسط برئاسته في القارة، التي تشهد حاليا دعما متناميا لليمين. وسيتعين عليه أيضا أن يشرح كيف سيتخلي عن خطة ريشي سوناك مع رواندا في إطار مواجهة الهجرة غير الشرعية، حيث إن أي نهج بديل يتطلب التعاون مع الدول الأوروبية التي تواجه مشاكل مماثلة.

الصين
لا يلوح في الأفق أي قرار فوري يتعلق بالصين، فقد وضع حزب العمال توازنا دقيقا مماثلا للمحافظين، يتعلق بالتجارة، والحديث عن المشكلات العالمية، مع الدفاع عن المملكة المتحدة ضد أي تهديدات. وقد اقترح "العمال" مراجعة علاقات البلاد مع بكين، وقد يبدأ ذلك خلال الـ100 يوم الأولى من عمر الحكومة.

وسيكون السؤال الأكثر أهمية: إلى أي مدى يمكن لبريطانيا تحاشي الضغوط الأمريكية للتوافق مع إجراءات واشنطن ضد بكين؟ وربما يجد ستارمر نفسه مجبرا على الانحياز لاحد الطرفين بما لا يتفق مع سعيه لتحقيق النمو الاقتصادي.

 

الأكثر قراءة