اقتصاد الصين في مأزق .. مصنع العالم بلا مواد خام

اقتصاد الصين في مأزق .. مصنع العالم بلا مواد خام

لطالما كانت الصين أكبر مشتر للسلع الأساسية في العالم، ورغم الركود العقاري والانتعاش الاقتصادي الفاتر، شهيتها للسلع زادت والسبب جيوسياسي.

أدى تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة والصين وتداعيات الحرب الروسية - الأوكرانية إلى زيادة شهية الصين للسلع، ما أوصل وارداتها إلى مستوى قياسي.

في وقت يتجه فيه الاقتصاد الصيني نحو فترة من النمو البطيء -لا تعتمد كثيرا على مشاريع البناء الضخمة التي سرعت النمو في الماضي- يتحول تركيز البلاد إلى الاعتماد أكثر على الذات في الموارد الحيوية، في ضوء خلفية عالمية غير مرحبة، وفقا لمذكرة حديثة للعملاء من ناتاشا كانيفا، رئيسة السلع العالمية في "جيه بي مورجان".

تمثل الصين 40% من الطلب العالمي على السلع الأساسية وفقا لمحللي "جيه بي مورجان"، ورغم اقتصادها المتعثر، ارتفعت واردات الصين من خام الحديد والمنتجات الزراعة والمعادن بنسبة 16% في 2023، وارتفعت 6% أخرى في الأشهر الـ5 الأولى من هذا العام مع سعي الصين نحو سد إحدى أكبر نقاط ضعفها.

وباستثناء إمداداتها الوفيرة من الفحم والعناصر الأرضية النادرة، فإن الصين فقيرة في ناحية الموارد، وفقا لكانيفا وفريقها. ورغم أنها تمثل خمس سكان العالم، إلا أنها تمتلك موارد محدودة من المياه العذبة و7% فقط من الأراضي الصالحة للزراعة في العالم. ومع أنها هي المنتج الرئيس للقمح والذرة، إلا أن نسبة الاكتفاء الذاتي الغذائي انخفضت من 94% في عام 2000 إلى 66% في 2020، ومن المرجح أن تنخفض إلى 59% بحلول 2030، وهي مشكلة لبلد عانى المجاعة يوما ما.

تعد الصين أكبر صانع للصلب في العالم، وهي المهيمنة على صناعة السيارات الكهربائية، وثاني أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان. مع هذا، تستورد أكثر من 70% من احتياجاتها من النفط الخام و40% من الغاز الطبيعي. وتستورد قرابة 80% من المواد الأولية اللازمة لتلبية الطلب على النحاس، وتشتري ثلاثة أرباع خام الحديد المنقول بحرا اللازم لصناعة الصلب.

يشير محللو "جيه بي مورجان" إلى أن معظم السلع التي تحتاج إليها الصين تصلها من خلال 8 نقاط بحرية، منها مضيق ملقا، حيث نفوذ الولايات المتحدة كبير. كانت العقوبات المفروضة على روسيا وقيود التصدير من جانب الولايات المتحدة وحلفاء آخرون للحد من وصول الصين إلى التكنولوجيات الضرورية بمثابة تحذير.

وتحاول الصين تعزيز كفاءة مناجمها ومزارعها، بالتزامن مع سعيها إلى السيطرة على موارد في دول أخرى وذلك بشراء حصص أسهم وإبرام شراكات وبناء مخزونات إستراتيجية، حسبما ذكرت كانيفا.

وتحاول بكين أيضا تنويع موردي الغذاء والطاقة، وبناء سعة تخزين لزيادة الاحتياطيات. وتهدف أيضا إلى زيادة الإنتاج الزراعي من خلال المحاصيل والبذور المعدلة وراثيا، والاستثمار الضخم في الأراضي في دول مثل في كمبوديا وميانمار، والاستحواذ على شركات مثل شركة سينجينتا العملاقة للبذور والكيماويات في 2017. كما تعمل على بناء خطوط أنابيب للطاقة مع روسيا وآسيا الوسطى تفتح لها طرقا تجارية جديدة.

قد يكون الاقتصاد الصيني متوجها نحو نمو اقتصادي أبطأ، لكن الطلب على السلع الأساسية، على الأقل في الوقت الحالي، لا يتباطأ. وعلى الأقل، سيدعم هذا الطلب المستمر بعض أسعار السلع الأساسية.

الأكثر قراءة