الأعطال التقنية والخطط البديلة

في عالمنا الرقمي الذي نعيشه اليوم، نجد أن التكنولوجيا التقنية تؤدي دورًا حيويًا في جميع جوانب حياتنا اليومية، ولا شك أن الاعتماد المتزايد عليها يصاحبه كثير من الأخطار، من هذه الأخطار، الأعطال التقنية التي تؤدي إلى آثار سلبية كبيرة في الأفراد والشركات والمجتمعات جميعها.ويعد فهم هذه الأعطال والتخطيط لها بشكل استباقي أمرًا ضروريًا للحفاظ على استمرارية الأعمال وتقليل الخسائر

تتنوع الأعطال التقنية، فمنها ما يتعلق بالمكونات المادية للتكنولوجيا مثل الحواسيب، والخوادم، والشبكات، وأجهزة التخزين، وأعطال البرمجيات التي تشمل المشكلات التي تحدث في برامج التشغيل أو التطبيقات وتكون ناتجة عن الأخطاء البرمجية، أو التحديثات الفاشلة، أو البرمجيات الخبيثة، وغالبا ما تكون هذه الأعطال أكثر تعقيدًا في التشخيص والإصلاح مقارنة بأعطال الأجهزة، أضف إلى هذه الأعطال الهجمات السيبرانية التي تستهدف الأنظمة التكنولوجية، بما في ذلك البرمجيات الخبيثة، والهجمات الإلكترونية، وسرقة البيانات وهي مدمرة، كونها لا تؤدي فقط إلى تعطل الأنظمة بل أيضًا إلى خسائر مالية كبيرة وفقدان كثير من البيانات الحساسة، وتشمل الأعطال أيضاً المشكلات التي تحدث في البنية التحتية التقنية للشبكات والاتصالات، مثل انقطاع الإنترنت أو فشل مراكز البيانات التي تؤدي إلى توقف العمليات التجارية وتعطيل خدمات العملاء بشكل كبير.

وتترتب على هذه الأعطال التقنية آثار اقتصادية كبيرة، على سبيل المثال، إذا تعطلت أنظمة الكمبيوتر في شركة ما، فقد يتوقف الموظفون عن العمل، ما يؤدي إلى تأخر في تقديم الخدمات أو إنتاج المنتجات، وهذا يؤدي مباشرة إلى خسائر مالية. كما أن تعطلا تقنيا لموقع تجارة إلكترونية مثلا قد يؤدي إلى فقدان مباشر للإيرادات، حيث لا يمكن إجراء عمليات البيع والشراء، ما يؤدي إلى كثير من الخسائر، كما أن بعض الأعطال قد يؤدي إلى فقدان البيانات أو انتهاك الخصوصية، ما يترتب على أثر ذلك غرامات قانونية متعلقة بحماية البيانات، وهذه التكاليف يمكن أن تكون كبيرة وقد تؤثر في استمرارية الأعمال

وقد تؤدي الأعطال التقنية الكبيرة في الشركات الكبيرة إلى انخفاض أسعار أسهمها، ما يؤثر في قيمة السوق ويتسبب في خسائر للمستثمرين، كما يمكن أن يكون لهذا تأثير مباشر في الاقتصاد الكلي، خاصة إذا كانت الشركة المتضررة لها دور كبير في السوق.

وما حدث في هذه الأيام من عطل تقني لخدمات نظام تشغيل ويندوز مايكروسوفت وظهور الشاشة الزرقاء في أغلب أجهزة الحاسب الآلي، بسبب تحديث تقني أجرته شركة كراود سترايك الأمريكية بشكل خاطئ، تأثرت على إثره معظم دول العالم، أكبر دليل على أهمية هذا الموضوع وخطورته، حيث شاهدنا أثره في تعطيل العمليات الحيوية لعديد من الشركات والمستخدمين على حد سواء، وما تم رصده في كثير من التقارير التي تشير إلى تعطل كثير من حركات الطيران وإلغاء آلاف الرحلات الجوية في كثير من الدول مثل الولايات المتحدة وأستراليا وبريطانيا وألمانيا وإسبانيا وغيرها. الأمر الذي أدى إلى انخفاض سهم شركة "كراود سترايك" في تداولات ما قبل السوق، جراء مسؤوليتها عن هذا الحدث.

مثل هذه الأحداث، تؤكد أهمية وجود خطط بديلة قوية للأعطال التقنية تشمل أنظمة ثانوية ونسخا احتياطية ومنصات تشغيلية متكاملة، أضف إلى ذلك أيضاً وجود إستراتيجيات للتعامل مع مثل هذه الأعطال المحتملة، تشمل التدريب وتنفيذ حلول تقنية وقائية معتمدة في المقام الأول على البحث والتطوير والابتكار، وأن يكون ذلك على جميع المستويات، بهدف تقليل أضرارها الاقتصادية وتأمين استمرارية الأعمال بشكل عام.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي