تقلبات أسواق النفط والمؤشرات الاقتصادية المتباينة

شهد الأسبوع الماضي استمرار التقلبات في أسواق النفط. وواجهت الأسعار ضغوطا هبوطية وسط مخاوف من ضعف الطلب الصيني على الرغم من انخفاض مخزونات النفط الأمريكية، المؤشرات الاقتصادية الأمريكية الإيجابية وحرائق الغابات في كندا.

بدأ الأسبوع بحذر، وشهدت الأسعار انتعاشا في منتصف الأسبوع، ثم واجهت ضغوطا مع دخول عوامل هبوطية. وعلى الرغم من التقلبات، أظهر المتداولون التزاما بمستويات الدعم الفني للأسعار، خاصة مع ظهور المؤشرات الاقتصادية الأمريكية الإيجابية.

بالفعل، نما الاقتصاد الأمريكي بمعدل سنوي بلغ 2.8 % في الربع الثاني، متجاوزا التوقعات بنمو 2 %. وقد عزز هذا النمو الأقوى من المتوقع، إلى جانب تخفيف ضغوط التضخم، التوقعات بخفض محتمل لأسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي في سبتمبر. وعادة ما تعمل أسعار الفائدة المنخفضة على تحفيز النشاط الاقتصادي، ما قد يعزز الطلب على النفط.

العامل الأكثر إيجابية جاء من بيانات المخزونات الأمريكية. فقد أعلنت إدارة معلومات الطاقة انخفاضا كبيرا في مخزونات النفط الخام والوقود. حيث هبطت مخزونات الخام بمقدار 3.7 مليون برميل، وهو ما يفوق توقعات السوق. كما انخفضت مخزونات البنزين بمقدار 5.6 مليون برميل، في حين انخفضت مخزونات المقطرات الوسطية بمقدار 2.8 مليون برميل. وأظهرت هذه البيانات الطلب القوي على النفط في الولايات المتحدة، وهو عادة ما يدفع الأسعار إلى الارتفاع. لكن، السوق لم تتفاعل كثيرا مع هذه الأخبار الجيدة، ما يدل على أن عوامل أخرى كانت تؤثر في قرارات المتداولين.

بالفعل، حدت المخاوف بشأن الظروف الاقتصادية في أكبر اقتصادات آسيا من مكاسب أسعار النفط. ففي اليابان، ارتفعت أسعار المستهلك الأساسية في يوليو 2.2 % على أساس سنوي، ما أثار توقعات برفع أسعار الفائدة في الأمد القريب. ومع ذلك، أظهر مؤشر يستثني تكاليف الطاقة أبطأ زيادة سنوية فيما يقرب من عامين، ما يشير إلى ارتفاعات معتدلة في الأسعار بسبب الاستهلاك الضعيف.

واستمرت المخاوف بضعف الطلب على النفط في الصين، أكبر مستورد للنفط الخام في العالم، في التأثير سلبا في السوق. وفي خطوة غير متوقعة، قررت الحكومة الصينية خفض أسعار الفائدة الأساسية قصيرة الأجل وأسعار الإقراض المعيارية في محاولة لتعزيز النمو الاقتصادي في ظل بيانات اقتصادية ضعيفة للربع الثاني وأزمة عقارية طويلة الأمد. وتشير هذه الخطوة إلى أن الصين تنفذ حافزا نقديا أقوى لدعم الاقتصاد. ومع ذلك، أظهرت البيانات أن الطلب على النفط في الصين انخفض في يونيو 8.1 % إلى 13.66 مليون برميل يوميا، ما أثار مخاوف ضعف الاستهلاك.

في الوقت نفسه، أضافت توقعات التوصل إلى اتفاق محتمل لوقف إطلاق النار في غزة ضغوطا على أسعار النفط من خلال تخفيف التوترات في الشرق الأوسط ومخاوف العرض المرتبطة بها. وفي زاوية أخرى من جانب العرض، أثرت حرائق الغابات المتزايدة في مقاطعة ألبرتا الكندية فيما يصل إلى 500 ألف برميل يوميا من إنتاج النفط رغم أن الإنتاج ظل مستقرا إلى حد كبير حتى الآن.

على العموم، يبدو أن توقعات سوق النفط هبوطية في الأمد القريب، مع إمكانية زيادة التقلبات مع تفاعل السوق مع البيانات الاقتصادية الجديدة والتطورات الجيوسياسية. بالفعل، مع انخفاض أسعار النفط للأسبوع الثالث على التوالي والمخاوف المستمرة بشأن الطلب الصيني، من المرجح أن يستمر الضغط الهبوطي على الأسعار. والمخاوف من فائض محتمل في سوق النفط في 2025 تزيد أيضا من المشاعر الهبوطية. لكن الاضطرابات المحتملة في الإنتاج بسبب التوترات الجيوسياسية واتساع حرائق الغابات الكندية إلى جانب التزام أعضاء أوبك+ الذين يتجاوزون حصص الإنتاج بحصصهم وسحب كبير من مخزونات النفط الخام الأمريكية قد توفر دعما للأسعار.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي