تراجع أسهم التكنولوجيا تصحيح أم انهيار؟
منذ أواخر شهر أكتوبر من العام الماضي 2023 قادت أسهم التكنولوجيا (السبع الكبار) في السوق الأمريكية موجة قوية من الارتفاعات انعكست إيجابا بشكل مباشر على مؤشري الناسداك ومؤشر S&P 500 كما أسهمت في ارتفاع الداو جونز كذلك، وجميع المؤشرات الثلاثة استطاعت خلال هذه الفترة تحقيق أرقام قياسية وقمم تاريخية لم تشهدها من قبل، في حين لم تشمل هذه الارتفاعات كل القطاعات بالمستوى نفسه الذي ارتفعت به أسهم التكنولوجيا وقطاعاتها، فمنذ أكتوبر الماضي صعد مؤشر الناسداك بأكثر من 6 آلاف نقطة وبنحو 50 %.
كما ارتفع منذ بداية العام الجاري فقط بأكثر من 4100 نقطة وبنسبة تجاوزت 28 %، بينما صعد مؤشر S&P 500 منذ أواخر أكتوبر بنحو 1600 نقطة وبنسبة تجاوزت 38 %، بينما ارتفع منذ بداية العام الجاري بنحو ألف نقطة وبنسبة تجاوزت 20 %، فيما ارتفع الداو جونز منذ أكتوبر بنحو 28 % وبأكثر من 9 آلاف نقطة، بينما ارتفع منذ بداية العام الجاري بأكثر من 4 آلاف نقطة وبنسبة تجاوزت 11 %.
لكن منذ منتصف شهر يوليو دخلت السوق الأمريكية في موجة من التراجعات شملت كل مؤشراتها الثلاثة، وكان نصيب مؤشر الناسداك هو الأكبر من بينها حيث تراجع في أقل من أسبوعين بنسبة تجاوزت 8 % فقد من خلالها أكثر من 1600 نقطة، بينما حل مؤشر S&P 500 في المرتبة الثانية من التراجعات حيث هبط بنحو 5 % وبأكثر من 275 نقطة، بينما جاء مؤشر الداو جونز هو الأقل تراجعا من بينها وذلك بـ3.5 % فقد خلالها نحو 1500 نقطة.
وفي حين مرت المؤشرات الثلاثة بهذه التراجعات تحولت السيولة للشركات الصغيرة حيث ارتفع مؤسر راسل 2000 بأكثر من 190 نقطة وبنسبة تجاوزت 9 %، وهذا يعطي دلالة على تحول المستثمرين نحو الشركات التي لم تتفاعل صعودا خلال الموجة السابقة، كذلك يشير إلى تخوف المستثمرين من تضخم أسهم التكنولوجيا مع دخول موسم إعلانات النتائج، وما زاد الأمر سوءًا نتائج بعض شركات القطاع حيث أعلنت شركة صناعة السيارات الكهربائية تسلا تراجعا كبيرا في أرباحها ما دفع السهم إلى التراجع بنسبة تجاوزت 12 %، كما تسبب إعلان شركة ألفابت في تراجع أرباحها من قطاع اليوتيوب بهبوط السهم بأكثر من 12 %.
ووفقا لبعض الدراسات فإن أسهم التكنولوجيا تشكل حالياً أكثر من 30 % من القيمة السوقية لأسهم السوق، لذلك قادت هذه الإعلانات استمرار موجة البيوع في القطاع وبالتالي التأثير في السوق سلبا، حيث شهدت السوق تراجعات قاسية يوم الأربعاء قبل الماضي لم تشهدها منذ نوفمبر من 2022، فقد انخفض مؤشر الناسداك أكثر من 3.5 % بينما خسر مؤشر S&P 500 أكثر من 2 %.
لكن في نهاية المطاف، فهذه التراجعات تعد طبيعية حتى الآن مقارنة بالصعود شبه الصاروخي الذي حدث خلال عدة أشهر فقط، ولا تزال المؤشرات الثلاثة تحافظ على اتجاهاتها الصاعدة، وحتى لو حدث كسر لهذه الاتجاهات فالأمر لا يزال بين جني الأرباح أو الدخول في موجة تصحيح، وأما الحديث عن انهيار فمن المبكر جدا طرحه للنقاش، فمن المعلوم أن الحكم بدخول أي سوق في موجة هابطة يشترط لها أن تفقد السوق أكثر من 20 % من قمتها، التي تسبق حالات الانهيارات، وكلا الأمرين لم يحدث حتى الآن، بل من الطبيعي إذا دخلت أي سوق في موجة تصحيح أن تتراجع بنسب تراوح بين 38 و61 % من قمتها، علما بأن الربح في السوق الأمريكية يكون في الاتجاهين صعودا وهبوطا.