قانون الذكاء الاصطناعي في السعودية .. بوابة المستقبل

بحث الإنسان على مر التاريخ عن اختراع يمكنه أن يحاكي العقل البشري في نمط تفكيره، فقد حاول كل من الفنانين والكتاب وصناع الأفلام ومطوري الألعاب على حد سواء إيجاد تفسير منطقي لمفهوم الذكاء الاصطناعي. فعلى سبيل المثال في 1872 تحدث “صموئيل بتلر” في روايته “إريوهون” 1872 عن الآلات والدور الكبير الذي ستؤديه في تطوير البشرية ونقل العالم إلى التطور والازدهار.

وعلى مر الزمن، كان الذكاء الاصطناعى حاضراً فقط في الخيال العلمي، فتارةً ما يسلط الضوء على الفوائد المحتملة للذكاء الاصطناعي على البشرية وجوانبه الإنسانية المشرقة، وتارةً أخرى يسلط الضوء على الجوانب السلبية المتوقعة منه، و يتم تصويره على أنه العدو الشرس للبشرية الذي يعتزم اغتصاب الحضارة والسيطرة عليها.

في 2018، أصبح الذكاء الاصطناعي حقيقة لا خيال، ولم يعد يحتل مكاناً في عالم الثقافة الشعبية فقط، لقد كان 2018 بمنزلة النقلة الكبرى للذكاء الاصطناعي، فقد نمت هذه التكنولوجيا بشكل كبير على أرض الواقع حتى أصبحت أداة رئيسة تدخل في صلب جميع القطاعات.

لقد خرج الذكاء الاصطناعى من مختبرات البحوث ومن صفحات روايات الخيال العلمي، ليصبح جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية، ابتداءً من مساعدتنا في التنقل في المدن وتجنب زحمة المرور، وصولاً إلى استخدام مساعدين افتراضيين لمساعدتنا في أداء المهام المختلفة، واليوم أصبح استخدامنا للذكاء الاصطناعي متأصل من أجل الصالح العام للمجتمع.

ومن هنا في عصر التحول الرقمي يبرز الذكاء الاصطناعي كالقوة الدافعة وراء الابتكار والتحسين في المجالات المختلفة. السعودية برؤيتها الطموحة 2030، تبنت هذه التكنولوجيا الثورية بقوة ما جعلها تصدر قانونًا شاملًا لتنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي بهدف تحقيق تنمية مستدامة وتنافسية عالمية.

الذكاء الاصطناعي يمثل حجر الزاوية في مستقبل الاقتصاد العالمي قدرته على معالجة البيانات الضخمة، واستخلاص الأنماط، واتخاذ القرارات الذكية، تجعله قادرًا على حل عديد من المشكلات العالمية الملحة من تحسين الرعاية الصحية وتقديم خدمات طبية متقدمة، إلى تعزيز كفاءة الصناعات وإيجاد حلول لتحديات البيئة والتغير المناخي، يظهر أن الذكاء الاصطناعي سيكون حاسمًا في تشكيل المستقبل.

ويتضمن قانون الذكاء الاصطناعي في السعودية بنودا مهمة تعزز من دوره المحوري، ينص القانون على تشجيع البحوث والمشاريع الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي، ما يسهم في إيجاد بيئة داعمة للابتكار وريادة الأعمال. تتوافر التمويلات والمنح للمبادرات الجديدة، ما يعزز من دور الشباب والمبدعين في هذا المجال.

إلى جانب ذلك يضع القانون إطارًا قانونيًا صارمًا لضمان استخدام الذكاء الاصطناعي بطرق أخلاقية ومسؤولة يتضمن ذلك حماية خصوصية الأفراد، وضمان الشفافية في استخدام البيانات، والمساءلة عن القرارات التي تتخذها الأنظمة الذكية. هذه الجوانب تضمن أن يكون التطور في هذا المجال متوازنًا ومراعياً لحقوق الأفراد والمجتمع.

كما يهدف القانون إلى تطوير القدرات البشرية من خلال برامج تعليمية وتدريبية متخصصة. هذه البرامج تسعى إلى تزويد الجيل القادم بالمهارات اللازمة لمواكبة التغيرات السريعة في سوق العمل والتقنيات الحديثة، إضافة إلى ذلك يشجع القانون على إقامة شراكات إستراتيجية مع كبرى الشركات والمؤسسات البحثية العالمية، هذا يتيح للسعودية الاستفادة من أحدث التقنيات والخبرات، ويعزز مكانتها كمركز عالمي للابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي.

بهذه الجهود، تؤكد السعودية ريادتها في مجال التكنولوجيا والابتكار، القانون الجديد لا يهدف فقط إلى تنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي بل يسعى إلى تحقيق مستقبل مشرق يعتمد على الاستخدام الأمثل لهذه التكنولوجيا المتقدمة، ما يضع السعودية في مقدمة الدول المتقدمة في هذا المجال الحيوي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي