انعكاس منحنى العائد .. ركود قريب؟
القيمة الحالية للفرق بين العائد على السندات الأمريكية لمدة 10 سنوات وسنتين (%0.03-) شهر أغسطس 2024، حيث إن سندات السنوات الـ10 سجل %3.9130 في مقابل أن عائد السنتين سجل %3.945 وهذا يشير إلى انعكاس سلبي طفيف في منحنى العائد والقيمة السلبية تعطي دلالات وتنذر بحالة ركود اقتصادي إذا تطور العائد قصير الأجل، لأنه عندما يكون عائد السندات القصيرة أعلى من طويلة الأجل، فإنه قد يتباطأ الاقتصاد أو يدخل في فترات ركود، وهذا ما تم تسجيله تاريخيا، أي إن المستثمر على استعداد لقبول عوائد أقل على السندات طويلة الأجل مقابل الحصول على سيولة.
المنظور التاريخي لهذا المؤشر ومنذ 1980 تم ملاحظة أنه يظهر بقيمة سلبية قبل حالات الركود، ولهذا أصبح من المؤشرات المبكرة زمنيا في التنبؤ بالركود الاقتصادي.
حيث إنه في 1980 قدم إشارة مبكرة لاحتمالية حدوث الركود وبالفعل حصل ركود بعدها ما بين 1981-1982 وكذلك في1989 سجل قيمة سلبية وحدث بعدها ركود اقتصادي للفترة 1990-1991 وفي 2000 سجل المنحنى فارقا سلبيا وحدث بعدها ركود في 2001 أما في الأزمة المالية العالمية 2007-2009 فقد كان الفارق السلبي بين الأجل القصير والطويل كان واضحا منذ 2006.
علاوة على ما سبق فإن الفترات الزمنية التي تظل فيها القيمة سلبية تختلف بحسب الظروف الاقتصادية والتداعيات التي تؤدي إلى الركود في الواقع الفعلي، فمثلا من أغسطس 1978 إلى مايو 1980 بلغت مدة الانعكاس (622 يوماً) ثم من سبتمبر 1980 إلى أكتوبر 1981 (406 أيام) وأقل فترة انعكاس في العقود القليلة الماضية وقبل حدوث ركود فعلي كانت من يناير 1989 إلى 1989 كانت (176 يوماً) أما في أزمة الرهن العقاري فقد سجل المؤشر فترة انعكاس بلغت (215 يوماً) من أغسطس 2006 إلى مارس .2007
أطول فترة زمنية للانعكاس بدأت من يوليو 2022 ولا تزال مستمرة إلى أغسطس 2024 (758 يوماً) هذه الفترة هي الأطول ما بين جميع الحالات السابقة وتعد فترة مثيرة لقلق المراقبين الاقتصاديين والمستثمرين ووزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية حول العالم، ولعل بيع الملياردير الشهير "وارن بافت" نصف حصته من أسهم شركة "أبل" وتخارج كثير من المستثمرين أشعل فتيل موجات البيع.
في الختام: يتضح من البيانات التاريخية أن الفترة الزمنية بين انعكاس منحنى العائد على السندات الأمريكية وبداية الركود الاقتصادي، قد تختلف بشكل كبير، ما يؤكد صعوبة التنبؤ بتوقيت حدوث الركود بشكل دقيق، لكنها إشارات تحذيرية مبكرة على الركود لا يمكن تجاهلها، لهذا التركيز على انعكاس منحنى العائد كمؤشر له أهميته في الاستفادة من الدروس التاريخية في تخفيف آثار الركود وبالتالي سنرى زيادة الطلب على الأصول الآمنة كالميل إلى التحول من الأسهم إلى السندات الحكومية ذات الأجل القصيرة باعتبارها الأكثر أمانا خلال فترة الركود وستواجه البنوك المركزية تحديات في تبني سياسات نقدية ومالية فعالة، ومن الضروري مراقبة التأثيرات من كثب والاستعداد لإعادة تقييم الإستراتيجيات بما يتناسب مع توقعات الركود الوشيك.