عودة ترمب ومشروع التحول

هناك توجه دولي لا يمكن تجاهله نحو تنويع مصادر الطاقة أو مشروع تحول الطاقة العالمي، وزيادة إسهام الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة لأسباب كثيرة منها الموضوعي والمحايد، ومنها عكس ذلك. من الأسباب والأهداف الموضوعية في اعتقادي تنويع الاقتصاد، والحفاظ على الثروات الناضبة ورفع كفاءة استخراجها واستخدامها، الذي يصب بطبيعة الحال في مصلحة خفض الانبعاثات الذي بات هدفا إستراتيجيا عالميا.

في رأيي أن هناك عوامل سياسية واقتصادية وغيرهما تؤثر في مشروع تحول الطاقة العالمي، وتنعكس بطبيعة الحال على وتيرته، كون مشروع تحول الطاقة العالمي، وما يصاحبه من قضايا تغير المناخ والاحتباس الحراري، هي طريق شائكة لا تحفها الورود، وأنه من غير المنطقي ومن غير العملي أن يحاك ثوب واحد ليناسب جميع الدول في التعاطي مع هذا الملف وهذا التوجه.

العوامل الاقتصادية والسياسية والجيوسياسية والأمنية وغيرها تختلف من دولة لأخرى، ما يؤثر بطبيعة الحال في قدرة هذه الدول على التماهي مع التوجه العالمي فيما يخص تحول الطاقة وخفض الانبعاثات الكربونية، في حال أننا سلمنا أن جميع الدول مؤمنة بهذا الهدف! الإدارة الأمريكية التي ستغادر البيت الأبيض قريبا كانت على رأس الدول التي تقود هذا التوجه وأعني هنا تحول الطاقة وتقويض صناعة النفط والاستثمار فيه، لكن هل سيتغير هذا التوجه وهذا الزخم مع عودة ترمب وفريقه؟ فيما يخص رحلة تحول الطاقة الأمريكية وقضايا تغير المناخ، فأتوقع أنها لن تكون من أولويات أجندة إدارة ترمب فضلا عن وجودها في الأجندة أساسا! كون ترمب في رأيي سيسعى جاهدا إلى تذليل العقبات والسياسات التي قوضت إنتاج النفط الأمريكي، وسيدفع بقوة نحو زيادة إنتاج الغاز وتصديره. استشرافا للعلاقة الأمريكية الصينية في عهد ترمب، أتوقع أن لعودته أثرا سلبيا في نمو الاقتصاد الصيني، ولكن في ظني أن هذا الأثر سيكون أقل محدودية من فترته الرئاسية السابقة، وهذا سيؤثر بلا شك في الطلب العالمي على النفط كون الصين من أكبر مستهلكي النفط في العالم.

الجدير بالذكر أن "أوبك" في تقريرها الشهري توقعت انخفاضا في نمو الطلب على النفط في 2024 من 2.25 مليون برميل يوميا إلى 2.11 مليون برميل يوميا وهو أقل 6% من المتوقع سابقا. إذا ما عاد ترمب أتوقع زيادة وتيرة العقوبات الاقتصادية على إيران ومنها صادرات النفط، والجدير بالتنويه أن إدارة الرئيس ترمب هي من فرضت عقوبات قصوى على إيران ومنها "صفر صادرات نفطية إيرانية" فهل تعود الإدارة الأمريكية المتوقعة بزخم العقوبات نفسه؟

ختاما، لا يعتريني شك أن تغير الإدارة الأمريكية سيغير سياستها وتعاطيها مع كثير من الملفات، وسيختلف تعاطيها تماما مع ملف الحرب الروسية الأوكرانية، وكل ما سبق سيؤثر بصورة مباشرة وغير مباشرة في منظومة الطاقة العالمية وأسعارها، لكني أعتقد أن "أوبك" بقيادة السعودية تعي يقينا هذه التغيرات وتجيد التعامل معها بحكمة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي