أسعار النفط تتعافى من أدنى مستوياتها
خلال الأسبوع الماضي، ارتفعت أسعار النفط بشكل كبير من أدنى مستوياتها الأخيرة وحققت مكاسب أسبوعية تجاوزت 3.5 % لخام برنت و4.5 % لخام غرب تكساس الوسيط، مدفوعة بمزيج قوي من المخاطر الجيوسياسية، تشدد العرض، وتحسن المؤشرات الاقتصادية. وسجل كل من خام برنت وخام غرب تكساس الوسيط مكاسب لـ4 جلسات متتالية، ما يمثل تحولا كبيرا من أدنى مستوياتها في 8 أشهر.
وعزز التراجع القوي في مخزونات الخام الأمريكية مكاسب سوق النفط، حيث تراجعت المخزونات بنحو 3.7 مليون برميل في الأسبوع حتى الثاني من أغسطس، وهو ما يتجاوز بكثير السحب المتوقع البالغ 700 ألف برميل. وهذا هو الأسبوع السادس على التوالي من الانخفاضات، ما أدى إلى انخفاض المخزونات إلى أدنى مستوياتها في 6 أشهر. يشير هذا السحب الكبير إلى الطلب القوي على الرغم من المخاوف الاقتصادية.
وتلقت الأسواق دعما آخر من تصاعد التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، وبرزت كعامل محفز رئيس لحركة النفط الصاعدة. وتثير هذه التوترات احتمالات انقطاع الإمدادات من أكثر مناطق العالم أهمية في إنتاج النفط. ولا تزال السوق متوترة، حيث يراقب المتداولون عن كثب التطورات التي قد تؤدي إلى إشعال صراع إقليمي أوسع نطاقا إضافة إلى ذلك، أعلنت مؤسسة النفط الوطنية الليبية حالة القوة القاهرة في حقل الشرارة النفطي، ما أدى إلى توقف إنتاجه البالغ 300 ألف برميل يوميا. ويؤدي خفض الإنتاج الليبي إلى زيادة تشدد العرض، ما يوفر دعما إضافيا للأسعار.
من ناحية الاقتصاد الكلي، تراقب الأسواق من كثب تقرير مطالبات البطالة في الولايات المتحدة للحصول على مزيد من الرؤى الاقتصادية. وكشفت أحدث البيانات الصادرة عن وزارة العمل أن مطالبات إعانات البطالة الحكومية انخفضت بمقدار 17 ألف مطالبة إلى 233 ألف للأسبوع المنتهي في الثالث أغسطس، وهو أدنى مستوى في 11 شهرا. وجاء هذا الرقم أقل من 240 ألف مطالبة بطالة توقعها خبراء اقتصاديون استطلعت رويترز آراءهم.
لكن، من منظور آخر قد يكون تقرير الوظائف الصعودي هبوطيا. فقد يؤدي إلى خفض أقل لأسعار الفائدة. قبل أسبوعين، كانت الأسواق تراهن على احتمال بـ70 % لخفض أكبر من المعتاد بمقدار 50 نقطة أساس من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي بعد أن أدى تقرير الوظائف الضعيف إلى زيادة المخاوف بسرعة من الركود في أكبر اقتصاد في العالم. لكن الأسواق الآن تراهن على احتمال أقل بـ58 % لخفض كبير في أسعار الفائدة في اجتماع سبتمبر.
وربما يكون هذا هو السبب وراء استجابة أسواق النفط الخافتة لتقرير طلبات البطالة الصعودي.
في الصين، أظهرت البيانات أن تضخم مؤشر أسعار المستهلك نما أكثر من المتوقع في يوليو، في حين انخفض تضخم مؤشر أسعار المنتجين أقل قليلا من المتوقع. وسلطت البيانات الضوء على بعض الاتجاهات التحسنية في أكبر مستورد للنفط في العالم، حيث إن تخفيضات أسعار الفائدة الأخيرة ساعدت على تنشيط بعض الإنفاق الاستهلاكي. لكن التضخم ظل ضعيفا إلى حد كبير، ما يشير إلى أن الاتجاه الانكماشي لا يزال قائما.
كما تقلصت واردات الصين من النفط في يوليو. وكانت المخاوف من تباطؤ الطلب في البلاد محركا هبوطيا رئيسا لأسواق النفط.
التوقعات قصيرة الأجل لأسواق النفط صعودية، لكن بحذر، بدعم من التوترات الجيوسياسية، انقطاعات الإمدادات، المؤشرات الاقتصادية الإيجابية وتحسن آفاق الطلب. ومع ذلك، ينبغي للمتداولين أن يظلوا يقظين تجاه الرياح المعاكسة المحتملة، بما في ذلك التهدئة المحتملة للصراع في الشرق الأوسط وتأثير التقارير الاقتصادية المقبلة.
وبالفعل، أسعار النفط لا تزال تواجه أخطارا هبوطية. نمو الطلب على النفط بحاجة إلى التسارع لاستيعاب نمو الأمدادات من خارج أوبك وزيادة المعروض التي تخطط "أوبك +" تحقيقها ابتداء من الربع الرابع. حتى الآن نمو الطلب على النفط من كبار المستهلكين لم يرق إلى مستوى التوقعات. وإذا تباطأ الاقتصاد أكثر، فمن المرجح أن يتباطأ نمو الطلب على النفط معه. ما قد يضطر "أوبك +" إلى تأجيل البدء في تخفيف تخفيضات الإنتاج الطوعية.