تحفيز الباب الخلفي الذي يعيق الاحتياطي الفيدرالي

بذل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي قصارى جهده للسيطرة على التضخم، الذي انخفض في يوليو إلى ما دون 3% لأول مرة منذ عام 2021.

من المؤسف أن بنك الاحتياطي الفيدرالي يجد نفسه مضطرا إلى التعامل مع أغراض متعارضة مع وزارة الخزانة الأميريكية، التي كانت إستراتيجيتها في إصدار الديون توفر بابا خلفيا يتمثل في تخفيضات أسعار الفائدة، الأمر الذي أبقى التضخم فوق نطاق المستوى المستهدف من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي.

من خلال اختصار ملف إصداراتها لخفض أسعار الفائدة طويلة الأجل، قدمت وزارة الخزانة حافزا اقتصاديا يعادل خفضا بمقدار نقطة واحدة في سعر فائدة بنك الاحتياطي الفيدرالي.

علاوة على ذلك، يشير التوجيه الـمُـسـبَـق في أحدث إعلان ربع سنوي لإعادة تمويل الديون من قِـبَـل وزارة الخزانة إلى أن هذا التيسير الكمي من الباب الخلفي سيستمر في إحباط جهود بنك الاحتياطي الفيدرالي ذاته والمساس بوظائفه. عادة، تستهدف وزارة الخزانة إبقاء 15% إلى 20% من الديون المستحقة في هيئة سندات قصيرة الأجل، والبقية في هيئة ديون متوسطة وطويلة الأجل، وتسمى قسائم.

لكن هذه الحصة ارتفعت ولا تزال أعلى كثيرا من أي عتبة معقولة: جاء ما يصل إلى 70% من الديون الجديدة التي جُـمِـعَـت خلال العام الماضي من سندات قصيرة الأجل، فأدى هذا إلى ارتفاع الإجمالي إلى ما يزيد كثيرا على 20%في حين تشبه سندات الخزانة اقتصاديا النقود الأساسية التي تخلقها البنوك المركزية، فإن القسائم تحمل أخطارا كبرى ترتبط بأسعار الفائدة، وعندما يكون لزاما على المستثمرين تحمل مزيد من هذه الأخطار، فإنهم يصبحون أقل قدرة على الاحتفاظ بأصول أخرى محفوفة بالأخطار مثل الأسهم.

تشير حساباتنا إلى أن إصدارات الخزانة الناشطة نجحت حتى الآن في خفض إصدار القسائم بأكثر من 800 مليار دولار، ما أدى إلى تحقيق درجة من التحفيز مماثلة لتلك الناجمة عن خفض سعر فائدة الاحتياطي الفيدرالي بمقدار 100 نقطة أساس.

بعبارة أخرى، عوضت وزارة الخزانة فعليا عن جميع زيادات أسعار الفائدة التي فرضها الاحتياطي الفيدرالي في 2023. باقترانها بتقديرات أعلى لما يسمى أسعار الفائدة المحايدة، وتعني سياسات الإصدار وأسعار الفائدة الحالية أن القيود المفروضة على الاقتصاد قليلة.

ومع تسبب وزارة الخزانة في عرقلة المحاولات التي يبذلها الاحتياطي الفيدرالي لتهدئة التضخم والنمو، فليس من المستغرب أن يظل كلا المقياسين فوق المستوى المستهدف على نحو مستمر.

إذا لم تنقلب إصدارات الخزانة الناشطة في الاتجاه المعاكس بسرعة، فقد تتحول إلى أداة سياسية دائمة، لأن كلا الحزبين سيرغبان في استخدامها لتحفيز الاقتصاد قبيل الانتخابات. ونكون بهذا دخلنا إلى عالَـم من الدورات التجارية المسيسة، حيث تتزامن الحوافز السياسية مع الانتخابات. هذا الاحتمال مقلق لذات الأسباب التي تجعل تهديد استقلالية البنوك المركزية أمرا مثيرا للقلق.

لحل أزمة إصدارات الخزانة الناشطة يتعين على وزارة الخزانة سحب تريليون دولار من سنداتها الزائدة عن الحاجة. وهذا من شأنه أن يرفع العائدات الطويلة الأجل مؤقتا (لبضع سنوات) بنسبة 0.5%، لكن هذه العائدات ستنخفض إلى معدل دائم يبلغ 0.3%، مع إعادة تسعير الأصول الخطرة.

وسيكون التأثير المهدئ الذي سيخلفه ذلك على الاقتصاد مماثلا للتأثير الناتج عن زيادة سعر فائدة الاحتياطي الفيدرالي بمقدار نقطتين. لقد عملت إستراتيجيات الإصدار الناشطة التي تتبناها وزارة الخزانة على تحفيز الاقتصاد في الفترة السابقة للانتخابات، وتسببت في عرقلة جهود الاحتياطي الفيدرالي ذاته لتهدئة التضخم.

إن إصدارات الخزانة الناشطة تفتح الباب أمام دورات تجارية سياسية، حيث ترتفع معدلات التضخم وأسعار الفائدة بشكل دائم لأن الاقتصاد يتلقى قدرا أعظم مما ينبغي من الحوافز بمرور الوقت. يتعين على وزارة الخزانة أن تعود إلى الإصدار المنتظم الذي يمكن التنبؤ به في أسرع وقت ممكن.

خاص بـ "الاقتصادية"

حقوق النشر: بروجيكت سنديكيت

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي