رسوم الطاقة الشمسية الأمريكية والتحول الاقتصادي

في عصر الإرباك التكنولوجي السريع والتحول الاقتصادي، أصبحت عملية صنع السياسات أشد تعقيدا من أي وقت مضى. فمع ارتفاع الدخول، ارتفع الطلب على سلع أكثر وأفضل. وساعدت التكنولوجيات الجديدة على تلبية هذا الطلب، فأصبح من الممكن تطوير مجموعة واسعة من المنتجات الجديدة، لكنها أسهمت أيضا في جعل الإنتاج معقدا على نحو متزايد.

تتوخى إدارة بايدن تحقيق 3 أهداف رئيسة معلنة: السيطرة على التضخم، ومكافحة تغير المناخ، وإيجاد "وظائف جيدة". لكن نهجها الحالي في التعامل مع الطاقة الشمسية -الذي يتضمن رسوما جمركية مرتفعة على الألواح المستوردة وإعانات دعم لمحطات الطاقة الشمسية بموجب قانون خفض التضخم- يعمل على تقويض كل هذه الأهداف.

في 2008، كان متوسط ​​تكلفة إنتاج لوحة شمسية واحدة في الصين -التي تُـعَـد بالفعل قوة رائدة في تصنيع لوازم توليد الطاقة الشمسية- نحو 3 دولارات لكل وات، وهذا أقل من مثيلتها في الولايات المتحدة. في 2011، استجابت الولايات المتحدة ببرنامج يهدف إلى خفض تكاليف أنظمة الطاقة الشمسية 75 % بحلول 2020. وعلى الرغم من نجاح البرنامج في خفض تكاليف الإنتاج، فإنه فشل في جعل الألواح الشمسية الأمريكية قادرة على المنافسة من حيث السعر مع الصين. بحلول نهاية 2024، ستظل تكلفة اللوحة الشمسية المصنوعة في الولايات المتحدة أكثر من 3 أضعاف تكلفة تلك المصنوعة في الصين.

لذلك، لجأت الولايات المتحدة إلى فرض مزيد من الرسوم الجمركية. في 2018، فرضت إدارة دونالد ترمب تعريفة جمركية بـ30 % على الواردات من الألواح الشمسية. وفي 2022، اختارت إدارة بايدن زيادة التعريفات الجمركية بشكل أكبر، ففرضت رسوما بـ50 % إلى 250 % على مدخلات الطاقة الشمسية المستوردة من الصين وجنوب شرق آسيا. لكن بعد اعتراضات واسعة الانتشار من قِـبَـل شركات التركيب، أصدرت الإدارة إعفاء لمدة عامين، وأخرت فرض الرسوم الإضافية حتى منتصف عام 2024.

بحلول ذلك الوقت، انخفضت تكلفة الألواح الكهروضوئية المصنوعة في الصين إلى 0.11 من الدولار للوات، فعمل ذلك على تعزيز مكانة الصين بوصفها المنتج الأرخص في العالم وتمكين البلاد من التحكم في 80 % من سلسلة توريد الألواح الشمسية العالمية. وتحسبا لهذه الزيادات الوشيكة في الرسوم، كانت شركات التركيب الأمريكية تخزن الألواح الشمسية، ما أدى إلى زيادة بـ82 % في الواردات في 2023. ومع نمو الألواح المتراكمة بما يكفي لتلبية الطلب لمدة عام ونصف العام، انخفضت الأسعار 50 %.

لكن مع توقع ارتفاع أسعار استيراد الطاقة الشمسية بنسبة تصل إلى 286 % بسبب تعريفات بايدن، من المرجح أن ترتفع أسعار المستهلك للألواح الكهروضوئية في الولايات المتحدة -التي عند مستوى 0.31 من الدولار للوات، أصبحت بالفعل أعلى بـ3 مرات تقريبا من المتوسط ​​العالمي- وقد يؤدي هذا إلى تثبيط الطلب.

ولأن الصين تنتج حاليا نحو 80 % من السيليكون على مستوى العالم، إلى جانب مدخلات حَـرِجة أخرى للألواح الكهروضوئية، فمن غير الواضح إلى أي مدى قد تتمكن الولايات المتحدة واقعيا من تعزيز قدرتها الإنتاجية للألواح الشمسية أو تقليل اعتمادها على الصين. علاوة على ذلك، من المتوقع أن تكون قدرة الصين الإنتاجية أكثر من ضعف مستوى الطلب العالمي بحلول 2027. وما دامت تعريفات بايدن سارية، ستظل الأسعار المحلية أعلى كثيرا من نظيراتها في أسواق أخرى، ما يقلل الطلب بدرجة أكبر.

كانت إستراتيجية أكثر فاعلية لتتمثل في قيام الحكومة والشركات الخاصة بتخزين الألواح الشمسية عندما كانت الأسعار لا تزال منخفضة. وكان من شأن مهلة العامين أن توفر فرصة كبيرة لبناء احتياطيات كافية، وكان من الممكن تقديم إعانات دعم الاستثمار إذا تعطلت الإمدادات الأجنبية. وكانت مثل هذه السياسة لتتماشى بصورة أفضل مع الأهداف الاقتصادية والبيئية والجيوسياسية .

خاص بـ"الاقتصادية"

حقوق النشر: بروجيكت سنديكيت، 2024.

www.project-syndicate.org

 

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي