سهولة الوصول إلى الأسواق سلاح ذو حدين
تعد الأسواق المالية بجميع أنواع أصولها وأسواق الأسهم على وجه الخصوص أسواق يسهل الوصول إليها حتى في الزمن الذي سبق وصول التقنية إلى الأسواق والمتعاملين، ما جعل منها أداة سهلة لتوظيف الأموال وتعظيم الثروة وتحقيق العوائد حتى تطورت حال المنصات المالية مع التقدم التقني وتطبيقات الفنتك إلى أن جعلت الوصول إلى الأسواق سهلا تقلصت من أيام إلى دقائق معدودة فقط، يجد الفرد نفسه بعدها قد ولج إلى سلة من الأدوات المالية اللامتناهية وأسواق يتجاوز عددها في بعض المنصات 20 سوقا ماليا في تطبيق واحد.
تضيف الأسواق المالية على المتعاملين بها لمسة من الحماسة والأثر الواضح بالتعامل مع المتغيرات الدائمة والمؤثرة في الأسواق ما يجعل المتعاملين في حال من الترقب الدائم لما يطرأ من أخبار ومتغيرات تؤثر في قراراتهم مباشرة شراء وبيعا أو تحوط، وفي كل الأحوال يبقى المتداول قريبا من السوق ومتغيراته متأهب لأي تغييرات في السعر أو أي أحداث جديدة تدفعه إلى أخذ قراره الاستثماري سريعا. تؤثر الشاشات والأخبار والتغطيات في قرار المتعاملين مع أسواق المال وتشعرهم الأخبار وتقلبات إشارات الأسواق بالإثارة والحماسة حتى تتمكن العاطفة بنسبة جيدة من القرار الاستثماري للمستثمر فتصاب الأسواق بحالات من الهلع عند النزول والخوف من فوات الفرصة في الأحوال التي تستمر فيها السوق بالارتفاع دون استفادة مباشرة للمستثمر بسبب الترقب، وفي الحالتين تصيب المتعامل الحماسة وأخذ قرارات تميل إلى العاطفية والعشوائية في أحيان أخرى.
وسط سهولة الوصول إلى الأسواق وبسبب الطبيعة الإنسانية في الجري خلف الأرباح السريعة وحلم الثراء السريع، إضافة إلى التسهيلات التقنية التي تقدمها منصات التداول، كانت منصات التواصل الجماعي أيضا محفزا إضافيا لمتابعة الأسواق المالية وأخبارها والتلميحات الاستثمارية أو التوصيات المالية وبغض النظر عن عدم مشروعيتها إلا أن التوصيات الكثيرة المتاحة في المنصات كانت وما زالت تجتذب كثيرا إليها، خصوصا عندما تكون الأسواق في موجة ارتفاعات متتالية فالكل على حق والكل مصيب. محليا أدت هيئة السوق المالية السعودية دورا نشطا في محاولات القضاء على مثل هذه الظواهر إن كان بالتنظيم أو بالتثقيف، إلا أنها أحد الأبواب التي يصعب القضاء عليها تماما أو إيصال الناس إلى مستوى من الوعي يحميهم من هذه الممارسات.
خلاصة القول وسط هذا الازدحام بين التسهيلات التقنية والكم الهائل من المعلومات التي تغذي المتعاملين، أصبح الالتزام بخطة استثمارية مستقرة أكثر صعوبة والالتزام بها تحد أكبر بسبب كثرة المتغيرات ومصادر المعلومات، فإذا اتفقنا بأن الأسواق دائما في ارتفاع فتجاوز مراحل الضوضاء ومعرفة الأهداف الأساسية للخطة الاستثمارية أهم مثبط للقلق من الأسواق وفي الوقت نفسه أهم محفز للاستثمار في بناء خطة الاستثمار للفرد.