هل تأثر قطاع الطاقة مع ارتفاع الفائدة ؟
يتمثَّل معدل الفائدة في التكلفة الإضافية التي يدفعها الأفراد أو المنظمات أو الدول من أجل اقتراض مبلغٍ من المال، ويجب سداد المبلغ الأصلي الذي اقترض إضافة إلى نسبة معينة من مبلغ القرض كفائدة مضافة لقاء ذلك القرض. ولكن هناك جانب سلبي ستتأثر به أغلب الصناعات عند رفع أسعار الفائدة والذي يقصد عادة من ورائه كبح معدل التضخم، ولكن إذا استمر رفع سعر الفائدة فقد يدخل النظام في حالة ركود اقتصادي إذا تحققت مؤشرات الركود خصوصا مع انخفاض عدد الوظائف ونسبها الشهرية. وخلال السنوات الماضية، ارتفع معدل التضخم كثيرًا حتى وصل إلى 9.1 % في يونيو 2022 في الولايات المتحدة، ما جعل البنك الاحتياطي الفيدرالي يعلن أنه سيزيد أسعار الفائدة بخطوات صغيرة ولكن متكررة.
وفي الفترة من 2022 إلى 2023، رفع بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة 11 مرة، لترتفع من أدنى مستوى تاريخي عند 0.08 إلى 5.33 % حاليًا، وهو أعلى معدل منذ أكثر من 20 عامًا. بينما يبلغ معدل التضخم السنوي الحالي 2.9 % في الولايات المتحدة (معدل التضخم الحالي هو 1.5 % في السعودية)، وهو الأدنى منذ مارس 2021.
وتستفيد البنوك وشركات التأمين وشركات الوساطة من ارتفاع أسعار الفائدة، بينما تؤثر السياسات النقدية في أداء القطاع المصرفي. وبطبيعة الحال، فإن البنوك والمؤسسات المالية حسَّاسة للغاية لأسعار الفائدة حيث يأتي جزء لا بأس به من دخل البنك من صافي هامش الفائدة. ومن المتوقع منطقيًا أن يقرر البنك الاحتياطي الفيدرالي على خفضٍ لأسعار الفائدة خلال اجتماع الشهر الحالي.
إن معظم المشاريع في قطاع الطاقة تستوجب رأس مال عالٍ وعادة ما يتم تمويل مشاريع طاقة الرياح والطاقة الشمسية والطاقة النووية من خلال الديون بموجب اتفاقيات شراء الطاقة طويلة الأجل Power Purchasing Agreements. ولذلك فإن معدّلات تمويل الشركات تعد مرتفعة نسبيًا لشركات الطاقة المتجددة ويمكن أن تقوم القابلية المصرفية Bankability لتدفقات إيرادات المشاريع من تقليص تكلفة الديون، ولكن شركات الطاقة المتجددة حسَّاسة من ارتفاع أسعار الفائدة، لأن من شأن ارتفاع الأسعار أن يقلل من القدرة التنافسية لمصادر الطاقة المتجددة في أسواق الطاقة.
ويُظهر تحليل شركة وود ماكينزي في إحدى تقاريرها أن زيادة بنسبة 2 % في سعر الفائدة، من غير مخاطرة، يؤدي إلى ارتفاع تكلفة الكهرباء لمشروع الطاقة المتجددة بنسبة 20 % مقارنة بـ 11 % فقط لمحطة غاز تعمل بالدورة المركبة. وتُعد شركات البترول والغاز والتعدين أقل حساسية لارتفاع أسعار الفائدة، وكما أن تمويل المشاريع أقل شيوعًا بالنسبة للتطورات المعرضة للبترول والغاز أو السلع التعدينية. إن التقنيات الناشئة التي تعد ضرورية للانتقال إلى صافي الانبعاثات الصفرية هي أيضًا كثيفة الاستخدام لرأس المال وتتطلب مستويات عالية من الاستثمار لتوسيع نطاقها.
لذا فإن معدلات الفائدة المرتفعة ستشكل تحديًا آخر لانطلاق العديد من المشاريع، سواء الهيدروجين الأخضر أو الأزرق. إن التحول العالمي للطاقة النظيفة لن يكون سهلاً، حيث تشير التقديرات إلى أن هناك حاجة إلى 75 تريليون دولار لتحقيق صافي الانبعاثات الصفرية بحلول 2050 ما يعني أننا لن نرى معدلات فائدة قريبة من الصفر وأن التحول إلى الطاقة النظيفة يجب أن يتم تمويله وسط خلفية نقدية أقل ملاءمة من السابق، وبالتالي الحاجة إلى اتخاذ إجراءات سياسية. ويتعين على الحكومات أن تعمل على تعزيز الحوافز لضمان عدم توقف الاستثمار في التقنيات المنخفضة الكربون، على الرغم من أن تكاليف ديون عديد من الحكومات وخدمة ديونها آخذة في التزايد، ما قد يُضطر إلى خفض الإعانات الداعمة والحوافز الضريبية أو خفض الاستثمار المباشر لرأس المال العام.