كيف تؤثر الانتخابات الأمريكية في الأسهم العالمية والسعودية؟
محاولة اغتيال، انسحاب مرشح من السباق الرئاسي، اختراق حملة انتخابية، واستطلاعات رأي مُتقلبة. ما المفاجآت التي تنتظرنا في هذه الانتخابات الرئاسية الأمريكية الغريبة؟ يتابع المستثمرون حول العالم هذه التطورات. لكن من غير المتوقع أن تتأثر الأسهم بشكل مباشر بهذه الدراما. من المتوقع أن يؤدي انحسار الشكوك إلى ارتفاع الأسهم العالمية حتى نهاية العام، ما سيؤدي إلى تعزيز الأسواق العالمية، بما في ذلك السوق السعودية.
كما شرحت في مقالي الأول الذي نُشر في أبريل، فإن سنوات الانتخابات الأمريكية عادةً ما ترفع قيمة الأسهم، إذ ارتفعت 83% من تلك السنوات منذ 1925، بمتوسط نمو بلغ 11.4% بالدولار الأمريكي. مع ازدياد ترابط الأسواق العالمية، فإن تأثير الانتخابات يمتد عالميًا، بما في ذلك سوق الأسهم السعودية. وقد ارتفع ارتباط السوق السعودي بالأسهم الأمريكية من 0.40 خلال الـ20 عامًا الماضية إلى 0.59 في السنوات الـ5 الأخيرة. ويعني الرقم 1.00 تحركات متطابقة تمامًا، بينما يشير 1.00- إلى اتجاهات عكسية تمامًا. هذه النسبة تدل على أن السوقين يتحركان عادةً في الاتجاه نفسه.
صحيح أن بعد ارتفاعهما معًا في بداية هذا العام، انفصل ارتباط سوق الأسهم السعودية ومؤشر إس آند بي 500 مؤقتًا في شهري مايو ويونيو، ويُعزى ذلك عادة إلى المخاوف المتزايدة بشأن توسع الحرب في منطقة الشرق الأوسط. ونتيجة لذلك، فإن أسهمك تتذبذب حول مستواها في بداية العام، بينما ارتفعت الأسهم الأمريكية بنسبة 16.4% بالدولار الأمريكي. ومع ذلك، يبدو أن هذه المخاوف عابرة. فمن المفترض أن تدفع الانتخابات الأمريكية الأسهم الأمريكية والسعودية إلى الارتفاع حتى نهاية العام.
يشعر كثيرون بالقلق بسبب عدم وضوح الرؤية والتوقعات. فالأحداث التاريخية، وخطابات المرشحين، وظهور شخصياتهم في عناوين الصحف كلها تزيد من الضبابية. ولكن، سيظهر الفائز قريبًا، حاملاً معه قدرًا من الوضوح.
زيادة وضوح الرؤية تعني تحولًا قويًا. فالأسهم تكره المجهول، ما يقلل رغبة المستثمرين في المخاطرة. في بداية معظم سنوات الانتخابات، يكون الكثير مجهولًا. يملأ عدد لا يُحصى من المرشحين السباقات التمهيدية للحزب، معتمدين على دعم القواعد المتطرفة بأفكار متطرفة.
لذلك، يزداد الغموض في المراحل المبكرة، إذ يحقق مؤشر إس آند بي 500 الأمريكي متوسط عائد يبلغ 2.8% فقط بالدولار الأمريكي في النصف الأول من سنوات الانتخابات.
ففي النصف الثاني، يتلاشى الغموض عادةً. ترحب الأسهم بهذا التطور، حيث نرى ظهور المرشحين الرسميين، ثم شركائهم في الترشيح. وتكشف المؤتمرات الحزبية عن خطط السياسات. ويصبح الخطاب أكثر اعتدالًا مع سعي المرشحين لاستقطاب المستقلين من التيار الوسطي. وتُظهر استطلاعات الرأي تضييق مسارات الفوز.
الآن، مع انطلاق حملات انتخابات الكونجرس، يتوقف التشريع تمامًا. لذا، لا ينبغي للأسواق أن تقلق بشأن التعطيل المفاجئ للتشريعات. فالأسواق تستفيد من هذا الوضع، إذ إن ركود التشريعات، إلى جانب زيادة الوضوح، يدفع مؤشر إس آند بي 500 لتحقيق مكاسب متوسطة تبلغ 9.2 % في النصف الثاني من سنوات الانتخابات الأمريكية. معلومة طريفة: من بين 16 نصفًا إيجابيًا للأعوام الانتخابية في التاريخ، انخفضت الأسهم مرة واحدة فقط عام 1948.
شهدنا النصف الأول الإيجابي لهذا العام وسط حالة غير معتادة من انخفاض الغموض المبكر. حيث بدت مواجهة ثانية بين جو بايدن ودونالد ترمب كأمرٍ محتوم، فهما شخصيتان معروفتان على نطاق واسع. ومع غياب الضوضاء المتعلقة بالانتخابات التمهيدية، تألقت الأسهم.
فقد شهد فصل الصيف تقلبات حادة. أولاً، أثارت زلة الرئيس بايدن في المناظرة تساؤلات حول قدرته على الفوز في الانتخابات. ثم تلتها محاولة اغتيال الرئيس السابق ترمب، وتبعتها استقالة بايدن، وتعيين نائبة الرئيس كامالا هاريس كبديلة له. وقد زاد هذا حالة الغموض.
لكن الأمور بدأت تتضح. نجحت هاريس في تأمين الترشيح، واختارت نائبًا لها، وأقامت مؤتمرها، ما وفر قدرًا جزئيًا من الوضوح.
في الآونة الأخيرة، أظهرت استطلاعات الرأي تقدمًا لكامالا هاريس. مع ذلك، من المتوقع أن تكون هذه الانتخابات متقاربة. وبغض النظر عن ذلك، فإن سبل الفوز للمرشحين ستصبح أوضح تدريجيًا ملاحظة، الانتخابات في الولايات المتحدة لا تجري بنظام الديمقراطية المباشرة، بل تُحدد النتيجة عبر ما يُعرف بـ"المجمع الانتخابي". يصوت المجمع الانتخابي بناءً على نتائج الانتخابات في الولايات، وتوزع الأصوات حسب عدد السكان في كل ولاية. حاليًا، هناك 7 ولايات من أصل 50 ولاية تعد غير محسومة بعد. تمتلك كامالا هاريس حاليًا 226 صوتًا انتخابيًا مؤكدًا، بينما يمتلك دونالد ترمب 219 صوتًا. يحتاج الفائز إلى 270 صوتًا للفوز. لدى كلا المرشحين عدة سبل لتحقيق النصر، لكن هذه السبل ستتضاءل مع اقتراب موعد الانتخابات.
سيظهر الفائز قريبًا، وكذلك تشكيلة الكونجرس، التي ستحدد الأخطار التشريعية المحتملة التي قد تواجهها الأسواق في 2025. ينبغي أن يساعد هذا الوضوح على رفع الأسهم حتى نهاية العام في كل من أمريكا والسعودية، وغيرها من الأسواق. استمتع بذلك.