الطلب المحلي تاج الخطط الاستثمارية
مضت السنة المالية سريعا، وسط كثير من المتغيرات الاقتصادية العالمية التي كان لها تأثيرها في حركة الأسواق المالية، فكانت الأسواق المالية عرضة أكبر للمجريات الاقتصادية الدولية، أرقام البطالة في مرة وأرقام التضخم في غير مرة وتحرك مفاجئ للمركزي الياباني، ما دفع الين الياباني إلى التحرك بشكل صدم الأسواق وتسبب في ربكة بدأت في اليابان وانتهت في الأسواق الأمريكية منتقلة لأسعار الصرف وأسعار السلع العالمية، مثل: ذهب، فضة، نفط، قهوة، وكاكاو، وغيرها، من السلع المتداولة التي تتأثر بالطلب وأسعار الصرف مره.
وفي التغيرات المناخية مرات أخرى حتى وصلنا إلى قرار الفيدرالي الذي ترقبته الأسواق لمده طويلة وهو خفض الفائدة وحتى ذلك جاء على شكل مفاجئ حيث خفض الفيدرالي الأمريكي الفائدة دفعة واحده بـ 50 نقطة أساس ما دفع الأنظار إلى مراقبة كيف سيكون تحرك الفيدرالي في الاجتماعين المتبقيين لهذا العام في نوفمبر وديسمبر.
هل سيعود الفيدرالي الأمريكي في الخفض إلى المعدلات الاعتيادية بـ 25 نقطة أساس أم سيستمر بهذا الرتم المفاجئ وسط استجابة التضخم وضعف سوق الوظائف الأمريكية. كل هذه الأحداث حفزت المستثمرين نحو التحوط ظهر ذلك بارتفاع أسعار الذهب إلى مستويات قياسية عليا لكل أونصة. إضافة إلى كل هذه المعطيات تحرك بعض كبار مستثمري السوق الأمريكية بشكل عجيب حيث تخلى وارون بافيت عن مليارات الدولارات من الأسهم خصوصا تلك القريبة إلى نفسه مثل بنك أوف أمريكا وحصه من أسهمه في الشركة التريليونية أبل.
بالإمكان تقسيم أداء الأسواق هذه السنة إلى 3 أقسام قوة الأداء للأسواق استمرت حتى نهاية الربع الأول منه قبل أن تدخل الأسواق موجة متذبذبة مع الميل للتراجع استمرت حتى منتصف الربع الثالث. وسط كل هذه المتغيرات راجع صندوق النقد الدولي معدلات النمو الاقتصادي العالمي 3 مرات تقريبا ولهذه المراجعات وزنها في صناعة القرار الاستثماري قبل أن تبدأ بوادر القلق من النمو الصيني ونمو طلبه على المنتجات.
لم تكن السوق السعودية بعيدة عن هذه التقلبات والمؤثرات فلها السمات نفسها من حيث شكل الأداء خصوصا تلك القطاعات المرتبطة بالطلب العالمي كقطاع البتروكيماويات الذي يعاني ضعف الأسعار والطلب منذ نهاية 2022، إلا أنه رغم من ذلك تمكنت مجموعة من الشركات المرتبطة بالطلب المحلي تحقيق نتائج إيجابية ظهرت في نمو إيراداتها وكذلك أرباحها جزء منها يعزى إلى دعم المنتجات المحلية والمحتوى الوطني والجزء الآخر يأتي ضخامة الطلب من المشاريع الكبرى سواء الحكومية أو المشاريع الوطنية الكبرى الأخرى التي تقدر بتريليونات الريالات.
وسط هذا النمو الكبير للطلب على المنتجات المحلية وخطط سير العمل على المشاريع الكبرى تميز أداء بيوت الاستثمار التي التقطت الإشارة مبكرا فكانت القفزات الكبرى في الأداء لها، وكذلك أسهمت سوق الطروحات الأولية إضافة أداء إضافي لتلك الأرقام المميزة.
يتسم الاقتصاد العالمي بصورة ضبابية لما ستكون عليه الأرقام الاقتصادية في 2025 و2026 وفي مثل هذه المعطيات يميل المستثمرون نحو جانب الأمان بقدر الإمكان ووفقا للإستراتيجيات التي رسمت لهذه الأوعية الاستثمارية.
وفي نظري أن الخيارات المحلية للإستراتيجيات الاستثمارية سيأخذ منها جانب تنامي الطلب المحلي جزءا كبيرا من وزن خطط السنوات المقبلة في ظل وجود مشاريع ومخططات قائمة تحت التنفيذ تتطلب تنقل تدريجي بين المواد والتعاقدات المحلية كمواد البناء، أسواق التجزئة في ظل تنامي السكان والطلب، البنية التحتية، الأيدي العاملة، التقنية والخدمات اللوجستية وغيرها من القطاعات المرتبطة بالطلب المحلي سترسم شبكة تأمين في خلال الأجواء الاقتصادية الضبابية. إن ثبات الخطط واستمرار تمويلها يحفز استقرار بناء خطط الاستثمار.