حديث في خفض الفائدة وتأثيراته

قرّر الفيدرالي البنك المركزي الأمريكي قبل مدة قصيرة خفض معدلات الفائدة 0.5% في خطوة هي الأولى منذ 4 سنوات. وتبعا لخفض الفائدة، خفض البنك المركزي السعودي ساما الفائدة بالنسبة نفسها، لأن سعر صرف الريال مربوط فقط بالدولار. بعد الخفض، صار نطاق الفائدة على الإيداع والإقراض 4.75 و5%.

ومعروف أن معدلات الفائدة ارتفعت كثيرا على المستوى العالمي خلال السنوات القليلة الماضية. وكان الهدف محاربة التضخم. لكنه رفع له جوانب سلبية، من أكبرها ارتفاع عجز الميزانية الأمريكية. تكاليف سداد الديون يزيد مع رفع الفوائد.

الهدف من رفع الفائدة خفض معدلات التضخم. وهذا ما تحقق. ومن ثم صار موضوع خفض الفائدة مطروحا للنقاش خلال الشهور الماضية. وخفضها تسبب في موجة لكنها بسيطة من الارتفاعات والانخفاضات في أسعار النفط والمعادن الثمينة والسلع والعملات عالميا.

ما معنى الخفض وكيف يؤثر ؟

معدل الفائدة يعني عالميا المعدل بالنسبة المئوية المدفوعة من البنوك المركزية للبنوك التجارية. وتبعا تحدد هذه النسبة على وجه التقريب معدلات الفائدة للمقترضين من البنوك.

لماذا تهتم البنوك المركزية بالموضوع ؟ لأن معدلات الفائدة هي أقوى أداة لدى البنوك المركزية للتحكم في معدلات التضخم. ومن جهة أخرى، الخفض يدعم تقليل العطالة، لأن إقبال المنشآت على التمويل للتوسع يزيد. وغالبا يزيد التوظيف.

أسواق المعادن والسلع حول العالم ستتأثر بخفض الفائدة بزيادة الطلب في تلك الأسواق. لأن العكس أي رفع الفائدة، سيدفع إلى الاستثمار في السندات وخاصة الأمريكية. وهذه السندات هي أدوات دخل ثابت تفيد بإقراض الدولة مبلغا من المال، ومن حق حاملها الحصول على الفوائد المستحقة وفق الفائدة المحددة من البنك المركزي.

وهذا التدفق الاستثماري يضعف الطلب على الذهب مثلا. وبالعكس خفض الفائدة يزيد من الطلب فترتفع الأسعار نسبيا. وهذا ما حصل في أسعار الذهب مثلا.

إذا كان خفض الفائدة يقلل الاستثمار في أدوات مثل السندات، فإنه يزيد من الاستثمار في أدوات أخرى.

ماذا بشأن أسعار السلع التي تسعر بالدولار، وعلى رأسها النفط ؟

خفض الفائدة يزيد من الطلب عليها. وتبعا، ترتفع أسعار الوقود والمشتقات النفطية عالميا. وهي ارتفاعات بسيطة، لأن الخفض بسيط. خلاف نقطة أخرى بالغة الأهمية. والفائدة لا تعمل لوحدها بالتأثير في الأسواق والأسعار. قد تحصل عوامل أخرى مع أو معاكسة لتأثير الفائدة. وتبعا إذا كان خفض الفائدة يزيد من الطلب على النفط، ما يؤثر تجاه ارتفاع أسعار النفط، لكن هناك عوامل أخرى تتسبب في انخفاض الأسعار.

وهذا ما حصل خلال الأسابيع الماضية. على سبيل المثال، انخفضت أسعار النفط خلال تلك الأسابيع، وهو انخفاض نسبي طبعا. وسبب الانخفاض الأول تأثر المعنويات بالمخاوف إزاء ضعف الطلب من الصين أكبر مستورد للنفط.

سؤال: ماذا عن عملات الدول خاصة العربية بعد خفض الفائدة ؟

أساس قيمة العملات قوة البلد الاقتصادية. مثلا الريال عملة قوية، لأن الاقتصاد السعودي قوي. إننا عالميا الدولة رقم 1 في تصدير النفط. وقيمة الصادرات تدفع عادة بالدولار. لأنه عملة التجارة العالمية والعملة الغالبة على الاحتياطيات النقدية العالمية. طبعا المقترضون من البنوك ينتفعون من خفض الفائدة. وتبعا المتوقع زيادة الطلب على التمويل.

أخيرا حديث عن تأثير الخفض في الاقتصاد السعودي باختصار.

يغري بزيادة الطلب على التمويل فزيادة نسبية في الاستهلاك وخفض نسبي في الاستثمار. لكن تأثير انخفاض الفائدة على الاستثمار بسيط جدا، أولا لأنه انخفاض بسيط، وثانيا لأن القطاع الخاص في السعودية غير مهيمن على الاقتصاد. وثالثا أهم مصدر في التمويل عبر السنين هو التمويلات الحكومية أو المدعومة حكوميا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي