ارتفاع أسعار النفط مع توسع الصراع في الشرق الأوسط

شهد الأسبوع الماضي تقلبات كبيرة في أسعار النفط، بسبب سلسلة من الأحداث العالمية الكبرى التي وضعت ضغوطا على العرض والطلب. حيث، أسهمت توقعات زيادة العرض، السياسات الاقتصادية الصينية، مخزونات النفط الخام الأمريكية، والتوترات الجيوسياسية في تحول المشاعر في سوق النفط. وأغلقت أسواق النفط الأسبوع على انخفاض، على الرغم من ارتفاعها يوم الجمعة على خلفية تصاعد التوترات في الشرق الأوسط بين إسرائيل وحزب الله واحتمال اتساعه ليشمل أطراف أخرى.

بالفعل، قفزت أسعار النفط أمس، الثلاثاء، بأكثر من 5 % بعد الهجوم الإيراني على إسرائيل. حيث، ارتفعت العقود الأجلة لخام برنت وغرب تكساس الوسيط بنحو 3.61 و 3.54 دولار للبرميل إلى 75.31 و 71.71 دولارا للبرميل على التوالي، ساعة كتابة هذا المقال. وأثار هذا الهجوم المخاوف بشأن استقرار إمدادات النفط من الشرق الأوسط.

وفي الوقائع المخاوف لا تتمثل فقط في أن الصواريخ الإيرانية ستلحق بعض الأضرار بإسرائيل، بل في رد إسرائيل المحتمل على وابل الصواريخ، الذي قد يركز على الأضرار الاقتصادية. إذا تعطلت صادرات النفط الإيرانية، التي تذهب بشكل رئيس إلى الصين، أو تعطلت حركة ناقلات النفط في المنطقة، فقد يؤدي ذلك إلى ارتفاع أسعار النفط العالمية.

من ناحية العرض، لا يزال الاتجاه العام متأثرا بشدة بقرارات "أوبك بلس". لا تزال المجموعة، التي كانت تخفض الإنتاج بمقدار 5.86 مليون برميل يوميا، تعتزم المضيّ قدما في تطبيق زيادة للإنتاج بواقع 180 ألف برميل يوميا من تلك التخفيضات بحلول ديسمبر. في هذا الجانب انتشرت شائعات تشاؤمية حول أسعار النفط، أسهم ذلك في تقلبات الأسعار.

بالفعل، تعمل "أوبك بلس" باستمرار على إدارة الإنتاج في محاولة لموازنة العرض والطلب ودعم استقرار السوق، لكن زيادة كبيرة في الإنتاج قد تؤدي إلى زيادة العرض والضغط على الأسعار.

وعلى صعيد آخر، أفادت إدارة معلومات الطاقة بانخفاض أكبر من المتوقع في مخزونات النفط الخام الأمريكية. حيث، انخفضت مخزونات الخام بمقدار 4.5 مليون برميل إلى 413 مليون برميل الأسبوع المنتهي 20 سبتمبر، وهو أدنى مستوى منذ أبريل 2022. كما انخفضت مخزونات البنزين والمقطرات أكثر من المتوقع، ما يعكس استمرار قيود العرض. وعلى الرغم من تقلص المخزونات، لا تزال هناك مشاعر في السوق تشير إلى أن أخطار العرض الزائد قد تظهر مرة أخرى في العام المقبل.

على الرغم من أن توقعات العرض أدت إلى تثبيط المشاعر، هناك تفاؤل حذر من جانب الصين، أكبر مستورد للنفط الخام في العالم. حيث، خفض البنك المركزي الصيني أسعار الفائدة وتعهد بمزيد من الإنفاق المالي لتعزيز اقتصاد البلاد المتعثر وتحقيق هدف نمو هذا العام بنسبة 5 %. ومع توقع تدابير تحفيزية إضافية قبل عطلة أكتوبر، يظل مراقبو السوق متفائلين بأن هذا قد يدعم الطلب على النفط في الأشهر المقبلة.

مع ذلك، لا تزال الشكوك قائمة حول ما إذا كانت جهود الصين ستكون كافية لتعويض تأثير ارتفاع إمدادات النفط. وفي غياب الدعم المالي الإضافي، لا يتوقع السوق انتعاشا مستداما في استهلاك الصين، وهو أمر بالغ الأهمية لنمو الطلب العالمي على النفط.

في الأمد القريب، تواجه أسواق النفط توقعات هبوطية. ومن المرجح أن يؤدي احتمال ارتفاع الإمدادات من "أوبك بلس" وليبيا، إلى جانب ضعف الطلب من الصين، إلى ممارسة ضغوط هبوطية على الأسعار. لكن، مع دخول الصراع في الشرق الأوسط هذا الأسبوع مرحلة جديدة من التصعيد غير هذه التوقعات إلى صعودية. يراقب السوق الآن تطورات الصراع في الشرق الأوسط وخصوصا رد إسرائيل. من المتوقع استمرار تقلب الأسعار مع اتساع الصراع. وإذا مضت إيران في الهجوم الصاروخي، فقد ترتفع أسعار النفط بشكل كبير بسبب الاضطرابات المحتملة في سلسلة الإمدادات في سوق متشددة بالفعل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي