أسعار النفط وغسيل الأخبار

كما أن مصطلح "غسيل الأموال" يعني تحويل الأموال غير المشروعة إلى أموال مشروعة ظاهريا، فإن "غسيل الأخبار" يعني تحويل الأخبار الكاذبة والمضللة إلى أخبار ذات مصداقية ظاهريا. في الوقت الذي يحتاج فيه العالم إلى استدامة الأمن الطاقي العالمي، وسلامة الإمدادات، واستقرار أسواق الطاقة، في هذا الوقت نجد وبكل أسف من يتحركون بمنهجية وباستغلال مواردهم الإعلامية والمالية لخدمة أجندات سياسية واقتصادية قاصرة مبنية على رؤية ضيقة لا تمت للواقع بأي صلة.

المتابع لقطاع الطاقة عموما، وأسواق النفط وصناعته على وجه الخصوص، يجد أن هناك موجات إعلامية لا تهدأ، وأقلام مأجورة لا تكل ولا تمل تجيد "غسل الأخبار، لقلب الحقائق وتضليل الرأي العام العالمي وتوجيه آرائهم لتقبل ما يبثونه من معلومات مضللة أو غير دقيقة حول مصادر الطاقة من الوقود الأحفوري وعلى رأسها النفط. من الأمثلة الصارخة على "غسيل الأخبار" أو المعلومات من أرض الواقع ما نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" قبيل أيام وزعمت فيه أن الأمير عبدالعزيز بن سلمان وزير الطاقة السعودي قال إن أسعار النفط قد تنخفض إلى 50 دولارا للبرميل عبر اتصال هاتفي حذر فيه أعضاء أوبك بلس في حال عدم التزامهم بتخفيضات الإنتاج المتفق عليها، وأضاف المقال بحسب مصادره "المزعومة" أن وزير الطاقة السعودي قال خلال هذا الاتصال الهاتفي "على البعض أن يصمت ويحترم التزاماته تجاه أوبك بلس".

أود أن أشير أن الأمانة العامة لمنظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) رفضت بشكل قاطع من خلال تصريحها تعقيبا على مقال "وول ستريت جورنال" أن المزاعم التي انطوى عليها المقال غير دقيقة ومضللة كليا، حيث إن المقال يتحدث بشكل غير صحيح عن مكالمة هاتفية لم تتم أصلا، وأكدت أنه لم يعقد أي اجتماع عبر الهاتف أو الفيديو منذ آخر اجتماع في الخامس من سبتمبر. في اعتقادي أن القضايا المتعلقة بالطاقة وإمداداتها تلوثت بكثير من التضليل الإعلامي الممنهج.

رغم أن هذه القضية ترتقي لأن تكون قضية وجودية في رأيي لا تحتمل المطابخ الإعلامية المسيسة التي تمتهن غسل الأخبار بصورة بشعة، ولا تحتمل القرارات الإستراتيجية غير المسؤولة ذات الأجندات السياسية والاقتصادية ضيقة الأفق التي تهدف إلى تقويض صناعة النفط والاستثمار فيه! غسيل الأخبار والمعلومات في اعتقادي جريمة لا تقل عن جريمة غسيل الأموال، بل خطورة الأولى أنها تصل إلى شريحة كبيرة وفي زمن قصير، خصوصا إذا ما أسهم فيها جهات يفترض بها أن تكون مثالا يحتذى به في الموضوعية والمهنية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي