"معركة" بالسيارات الكهربائية

"على المفوضية الأوروبية، ألا تثير حرباً تجارية مع الصين"

كريستيان ليندنر، وزير المالية الألماني

لن تتوقف قريبا المواجهة التجارية بين أوروبا والصين، حول السيارات الكهربائية. الإجراء الأخير الذي اتخذه الاتحاد الأوروبي، برفع الرسوم الجمركية على هذه المركبات، التي باتت تنتشر بقوة على الساحة العالمية، لم يحدث صدمة على الجانب الصيني.

فكل المؤشرات دلت منذ فترة ليست قصيرة، على أن الأوروبيين سيسيرون مع كل من الأمريكيين والكنديين الذين فرضوا رسوماً جمركية بلغت 100%، بعد سلسلة تحذيرات للحكومة الصينية، من مغبة مواصلتها سياسة الدعم لهذه الصناعة على الصعيد المحلي.

فالغرب عموماً، يعتقد بأن هذا الأمر يجعل المنافسة غير عادلة، بل ويقفز على القوانين التي تفرضها منظمة التجارة العالمية، وكان دائماً المحور الأول في الخلافات مع بكين طوال العقود الماضية، حيث تحاول الأخيرة التأكيد مراراً على "مبالغات" الغرب" في هذا الشأن.

الاتحاد الأوروبي قرر أخيراً رفع الرسوم الجمركية على السيارات الكهربائية الآتية من الصين، لكن ليس بعد خلافات داخلية ظهرت على السطح، بين حكومات هذا الاتحاد بشأن هذه الخطوة. فقد أقرت المفوضية الأوروبية فرض رسوم تصل إلى 35.3% مضافة إلى 10% يتم تحصيلها حالياً. لكن اللافت أن 10 دول أعضاء فقط في التكتل الأوروبي صوتوا لصالح القرار الجديد، مقابل رفض 5 أعضاء، وامتناع 12 دولة عن التصويت.

وهذا يظهر الخلافات الموجودة أصلاً على ساحة الاتحاد الأوروبي، بخصوص كيفية التعامل مع الصين تجارياً، هل عبر المواجهة؟ أم من خلال التسويات؟ أم ترك الأمور لتصل إلى حرب تجارية مفتوحة؟ والحق، أن المعارك التجارية لم تتوقف بين الطرفين منذ عقدين من الزمن على الأقل، لكنها أخذت بعداً أشد بين الولايات المتحدة والصين.

حتى ألمانيا التي تمثل أكبر اقتصاد في أوروبا، وصوتت ضد قرار رفع الرسوم، تنشر التحفظات تلو الأخرى، حيال الخطوات التي "تنتج" استفزازاً للصين، صاحبة ثاني أكبر اقتصاد في العالم. مع ضرورة الإشارة، إلى أن لألمانيا 3 مصانع للسيارات كبيرة جداً لأشهر أصنافها.

النقطة المهمة الكبرى في قرار رفع الرسوم الأوروبية، أنها تأتي بعد زيارة حققت قفزات نوعية في العلاقات بين الصين وعدد من الدول الأوروبية، وعلى رأسها فرنسا، التي استقبلت الصيف الماضي الرئيس الصيني شي جين بينج، ومعها عدد آخر من الدول المنضوية تحت لواء الاتحاد الأوروبي. لكن يبدو واضحاً، أن قطاع صناعة السيارات الكهربائية الأوروبي، لم يعد يحتمل مزيدا من الضغوط القوية والتشريعات المحلية المقيدة بالفعل، التي حذر الريس الفرنسي إيمانويل ماكرون من أنها تسهم في تراجع خطر للتنافسية الأوروبية مع كل من الولايات المتحدة والصين.

لا شك في أن مساعدات الدولة الصينية لمصنعي السيارات غير منصفة، إلا أن التعامل معها بهذه الصورة، سيشعل بالتأكيد حرباً تجارية، لن تقتصر على هذا القطاع. فالمفوضية الأوروبية ماضية في تحقيقاتها في حزم الدعم الحكومية في الصين لقطاعي الألواح الشمسية وتوربينات الرياح. وهذا يعني أن دائرة المواجهات التجارية ستتسع، لا سيما مع زيادة الطلب على هذه المنتجات عالمياً، بارتفاع الاعتماد على وسائل الطاقة المتجددة.

وفي كل الأحوال، فشلت جولات الحوار بين الطرفين من التوصل إلى صيغة مقبولة لهما، ما يعني أن بكين، ستتجه هي الأخرى إلى فرض رفع للرسوم الجمركية على الواردات الأوروبية، بما في ذلك المشروبات والألبان والأجبان واللحوم وغيرها، وهذا ما يخيف القائمين على كل القطاعات، في هذا الوقت خاصة، حيث يشهد مصاعب جمة، على كل القطاعات في أوروبا والعالم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي