5 عوامل وراء صعود صناعة الألعاب الإلكترونية .. نمو لا يمكن إيقافه
نمت صناعة الألعاب الإلكترونية بشكل ملحوظ على مدى العقدين الماضيين، وأثبتت نفسها باعتبارها واحدة من أكثر القطاعات ديناميكية في الاقتصاد العالمي.
هناك 5 عوامل تدعم مسار هذا النمو الذي لا يمكن إيقافه. من أبرز تلك العوامل التقدم السريع في التكنولوجيا، والتوسع المطرد في قاعدة اللاعبين، والاستثمارات المتزايدة سواء من الكيانات الخاصة أو المؤسسات.
كما أن تنظيم بطولات عالمية بجوائز سخية، والوصول إلى الإنترنت عالي السرعة، من بين العوامل التي تغذي الطلب العالمي على الألعاب الإلكترونية.
تؤكد الأرقام الشعبية التي تتمتع بها الألعاب الإلكترونية، حيث إن 2.9 مليار شخص، أي أكثر من واحد من كل 3 أشخاص على كوكب الأرض، لعبوا لعبة فيديو واحدة على الأقل في 2021.
بلغت الإيرادات العالمية للصناعة حينها 193 مليار دولار أمريكي، وفي العام الماضي قُدرت القيمة الإجمالية للصناعة بـ 220 مليار دولار، متجاوزة بذلك الإيرادات المجمعة لصناعتي الأفلام والموسيقى العالمية، وسط توقعات بأن تصل إلى 300 مليار دولار بحلول عام 2027 على أقل تقدير.
حول أسباب هذا النمو، يعلق لـ"الاقتصادية" إل. سي. ديفيد، مهندس برمجيات في مجال ألعاب الفيديو قائلا "انتشار الألعاب المحمولة، وصعود الرياضات الإلكترونية، وتنظيم دول مثل السعودية بطولات عالمية بجوائز ومكافآت سخية، وزيادة إمكانية الوصول إلى الإنترنت عالي السرعة، عوامل تغذي الطلب العالمي على الألعاب الإلكترونية وتخلق فرصاً مربحة للاستثمارات الدولية".
وأضاف: " التركيبة السكانية المواتية، مثل مشاركة مزيد من اللاعبات الإناث، تؤكد أن المستقبل سيشهد استمرار الألعاب متعددة اللاعبين والألعاب المحمولة."
تشير أغلب التقديرات إلى أن السنوات الخمس المقبلة ستشهد زيادة في عمليات الدمج والاستحواذ، حيث ستتنافس الشركات التكنولوجية الكبرى على الهيمنة على هذه الساحة المربحة.
ويعزز هذا الاتجاه الاستثمارات الدولية الكبرى في الصناعة حالياً، خاصة من مناطق مثل آسيا وأوروبا وأمريكا الشمالية والخليج العربي، وتحديداً السعودية. ففي عام 2021، استثمرت شركة التكنولوجيا الصينية العملاقة "تينسنت" أكثر من 10 مليارات دولار في استوديوهات الألعاب حول العالم، بينما قامت شركتا مايكروسوفت وسوني بعمليات استحواذ كبيرة لتعزيز محافظ الألعاب الخاصة بهما.
يقول لـ"الاقتصادية"، الخبير الاستثماري كريس دين "تهيمن الأسواق الآسيوية، وخاصة الصين واليابان وكوريا الجنوبية، على المشهد العالمي للألعاب الإلكترونية، حيث تسهم بنحو 50% من إيرادات الصناعة. الأسواق الغربية ليست بعيدة عن الركب، حيث تسهم في الابتكار وتوسيع نفوذها في جميع أنحاء العالم."
وحول الوضع في منطقة الشرق الأوسط، يضيف: "السعودية تهيمن بشكل شبه مطلق على الخريطة الاستثمارية الراهنة أو المخططات الاستثمارية المستقبلية القادمة من الشرق الأوسط في مجال الألعاب الإلكترونية، إذ لديها إستراتيجية متكاملة في هذا الشأن. وقطاع الألعاب الإلكترونية ورياضاتها ضمن القطاعات التي يستهدفها صندوق الاستثمارات العامة السعودي، الذي يستحوذ على حصة استثمارية في (نينتندو) اليابانية، إحدى أكبر 3 شركات في العالم لتصنيع الألعاب الإلكترونية".
يتفق الخبراء حاليا على أن صناعة ألعاب الفيديو العالمية تسير في مسار نمو صحي، إذ يبدو الجمهور الآن أكثر تنوعاً. وقد أظهرت بعض الدراسات أن 52 % من الأشخاص من مختلف الأعمار يلعبون ألعاب الفيديو بانتظام.
كما أن ألعاب الفيديو هي الأكثر شعبية بين الشباب، خاصة أنه منذ وباء كورونا بدأت المجتمعات تنظر إلى الألعاب الإلكترونية بوصفها بيئة اجتماعية يمكن للأطفال والشباب من خلالها مقابلة أصدقائهم.
هذا النمو الصحي للصناعة يدفعها إلى تطوير اتجاهات مستقبلية جديدة، حيث يصفها الدكتور داني كريج، أستاذ هندسة الإلكترونيات في جامعة كامبريدج، بأنها ستعيد تشكيل وجه الصناعة وستجذب مزيدا من الاستثمارات إليها.
وفي حديثه لـ"الاقتصادية" يقول "أحد الاتجاهات الرئيسة في الألعاب الإلكترونية في السنوات المقبلة هو الطفرة في الألعاب التي تسمح للاعبين بالمشاركة في إنشاء تجربتهم، وتدعوهم لإنشاء عوالمهم الخاصة. والذكاء الاصطناعي التوليدي يسرع هذا الاتجاه بالسماح للاعبين باستخدام أدوات لضبط تجربة اللعب الخاصة بهم".
ويؤكد أن الصناعة تدخل الآن عصراً ذهبياً يتميز بالتقدم التكنولوجي والاستثمارات الضخمة وظهور قطاعات سوقية جديدة، متوقعا أن تشهد قفزة عملاقة بطمس الخطوط الفاصلة بين العالمين الافتراضي والمادي، ما يجعلها أحد أكثر القطاعات الصناعية الواعدة والديناميكية في الاقتصاد العالمي.