هل تغير الهيكل الإنتاجي للسعودية؟

اقتصادنا الوطني وصل إلى مستويات صلبة من الإدارة الاقتصادية القائمة على الدليل، وبما أن تكوين رأس المال الثابت له أهمية في استكمال عمليات التنوع الاقتصادي من خلال القطاع الخاص والحكومة ومن قطاع الأسرة، فإن (GFCF) أي إجمالي تكوين رأس المال الثابت كلما ارتفعت قيمته زاد تأثيره في استدامة نمو الناتج المحلي، لأنه ببساطة يعكس الاستثمار في البنية التحتية والمعدات والأصول الثابتة والمباني والإنشاءات لزيادة الإنتاجية.
من أهم الأدلة على تحسن استدامة النمو الاقتصادي السعودي والتقدم التدريجي نحو تغير هيكلنا الإنتاجي، سجل إجمالي تكوين رأس المال الثابت نموا بنحو 5.3% في 2023 مدعوما بالاستثمار غير الحكومي الذي ارتفع 6.2% ليصل إلى أعلى مستوى له على الإطلاق عند 750 مليار ريال، الأمر الذي يعكس التحسن المستمر في أداء القطاع الخاص بحسب تقرير الاستقرار المالي للبنك المركزي.
وفي نفس السياق: استمرار القطاع الخاص في زيادة الاستثمار في الأصول الثابتة والمشاريع الجديدة وفي شراء الآلات والمعدات والمباني والإنشاءات بما في ذلك البضائع الرأسمالية، سيكون تأثيره الاقتصادي كبيرا في صلابة نمو الناتج المحلي وتحقيق مستهدفات جديدة في التنوع الاقتصادي للبلاد ولا سيما بعدما وصلنا إلى مستويات تاريخية من مساهمة الأنشطة غير النفطية بنسبة 49.9% في الناتج المحلي الإجمالي والمدعومة كذلك بالإصلاحات المالية العامة الناجحة والتي نالت إشادات من أهم المؤسسات العالمية كصندوق النقد الدولي.
وبما أن السعودية من الدول التي تستثمر في جانبي الابتكار والاستدامة فإن زيادة تكوين رأس المال الثابت ستعزز من كفاءة الابتكار والاستدامة بشكل ديناميكي في النظام الاقتصادي، خاصة في المحتوى المحلي والتوطين وفي تحفيز المزايا التنافسية والابتكار للصناعات الوطنية ورفع مساهمة المستثمر الأجنبي.
صندوقا الاستثمارات العامة والتنمية الوطني يلعبان دورا رئيساً في تعزيز تكوين رأس المال الثابت، كما أن توجيه الأموال نحو الإنتاج والبناء يعزز من النمو، لذا يجب تحفيز القطاع الخاص والأفراد على تطوير الأراضي بدلا من المضاربة في الأراضي غير المستغلة، حيث إنها لا تسهم في تكوين رأس المال الثابت ولا تحتسب في الحسابات القومية لعدم إنتاجيتها ما لم تُبْنَ وتستغل.
أخيرا: إجمالي تكوين رأس المال الثابت واحد من أسرار نجاح الاقتصادات الناشئة والمتقدمة، لأنه مؤشر حيوي يعكس مدى الاستثمار في مستقبل الاقتصاد ويحمي الاقتصاد من الطاقات الإنتاجية المعطلة والموارد المالية المهدرة مثل المضاربة في الأراضي، وتكمن أهمية هذا المؤشر في قدرته على ربط الأموال بالإنتاج وتحسين الكفاءة والإنتاجية وصنع فرص العمل وتحفيز الابتكار وتعزيز القدرة التنافسية للدول عبر تقديم منتجات وخدمات تنافسية وبجودة عالية. اقتصادنا السعودي تغير هيكله الإنتاجي ونحن في طريقنا إلى مستويات جديدة من التنوع بعدما سجلنا 750 مليار ريال في إجمالي تكوين رأس المال الثابت بشكل تاريخي ومرشح لاختراق حاجز التريليون قريباً.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي