السعي وراء نوم مثالي مرهق وجالب للأرق .. وهوس بساعات سامسونج وأبل
أظهرت دراسة حديثة أن الانشغال ببيانات النوم والهوس بالنوم المثالي قد يؤدي في الواقع إلى تفاقم الأرق.
الهوس بالنوم المثالي (عادة باستخدام أجهزة تتبع النوم)، يسمى “الأورثوسومنيا"، وهو مصطلح صاغه باحثون أمريكيون في دراسة نشرت في مجلة "كلينيكال سليب ميديسن".
لاحظ العلماء كيف يقضي بعض الأشخاص وقتا مفرطا في السرير في محاولة لتحسين درجات نومهم، بينما عانى آخرون القلق لعدم تمكنهم من النوم بشكل جيد بما فيه الكفاية، بحسب "ذا جارديان".
لكن ما الدرجة التي تعد "درجة نوم ممتازة"؟ وهل من الممكن التدخل في عملية بيولوجية لا إرادية؟
تقول كاتي فيشر، معالجة نوم سلوكي إن كثيرا من عملائها يسعون وراء نوم "مثالي، الحقيقة هي أنك إذا سألت الأشخاص الذين ينامون جيدا عن كيفية فعلهم لذلك، فعادة ما سيقولون: لا شيء. إنهم لا يفكرون في النوم. عندما يكونون متعبين، يذهبون إلى الفراش وينامون... بينما الأشخاص الذين يأتون إليّ بمشكلات عادةًما يضغطون على أنفسهم لتحقيق عدد نموذجي من ساعات النوم، عادة 8 ساعات، دون أن يفهموا أنهم قد لا يحتاجون إلى هذا القدر".
وتضيف أن بعض الأشخاص يشعرون بالذعر إذا كان معدل نومهم العميق 11% فقط في الليلة، مبينة أن هذا أمر طبيعي لأن النوم العميق لا يمثل سوى 13-23% من الليل لمعظم الناس.
جرب أولي ماثيوز، ممارس الطب الوظيفي ومدرب صحي، معظم العلامات التجارية الرائدة للأجهزة بما فيها ساعات سامسونج وأبل. قال: "تغيرت الطريقة التي استخدم بها هذه الأجهزة على مر السنين، ويرجع ذلك في الأغلب إلى أنني رأيت كيف يصبح عملائي مهووسين بها بعض الشيء، مثلما كنت أنا نفسي. في السابق، كان أول شيء أفعله عند الاستيقاظ هو التحقق من بياناتي ومزامنتها مع أجهزتي الأخرى، دون التحقق من جسدي فعلا".
ازداد الآن الاتجاه نحو التدقيق الذاتي للسعي إلى تحقيق نوم مثالي. وفي ظل التطبيقات والكتب وبرامج البودكاست، قُدِّرَت صناعة أجهزة تتبع النوم في المملكة المتحدة بـ 270 مليون جنيه إسترليني العام الماضي، ومن المتوقع أن تزيد أكثر من الضعف بحلول 2030.
يعمل الدكتور نيل ستانلي، مؤلف كتاب "كيف تنام جيدا"، في مجال أبحاث النوم منذ 42 عاما. قال عندما سئل عن كيفية تحليل أغلب الأجهزة للنوم: "تستطيع هذه الأجهزة قياس مقدار نومك، والمدة التي استغرقتها للوصول إلى هذا الحد. لكن الطريقة الدقيقة الوحيدة للتمييز بين النوم الخفيف والنوم العميق ومرحلة حركة العين السريعة هي مراقبة الدماغ".
أظهرت إحدى الدراسات أن أجهزة تتبع النوم أصبحت الآن "دقيقة إلى حد معقول"، لكن بعض الادعاءات المقدمة مشكوك فيها. "استمع إلى جسدك، وليس البيانات".
تتفق فيشر مع ذلك. "النوم المثالي غير موجود. لا توجد وصفة مضمونة، والتدقيق في البيانات لا يؤدي إلا إلى التوتر. ما يهم هو: كيف تشعر؟ هل لديك طاقة كافية لمواصلة اليوم والعمل بشكل جيد؟ أفضل طريقة لمراقبة ذلك هي النظر إلى الأنماط على مدى أسبوع أو أسبوعين بدلا من الهوس بليلة أو ليلتين".
ويتساءل البروفيسور جاي ليشزينر، مؤلف كتاب "العالم السري للنوم" ومستشار في مستشفيات جاي وسانت توماس في لندن، أيضا عن فائدة تتبع النوم. "الطريقة الفعالة للنوم جيدا ليلا هي التعرف على العقبات. هل تفتقر إلى النوم لأنه لا توجد ساعات كافية في يومك؟ أم أنك لا تستطيع النوم في المقام الأول؟ أم أنك تنام ساعات كافية، لكن لا تزال تشعر بالنعاس أثناء النهار (علامة محتملة على اضطراب النوم)؟ على أساس هذه المعلومات، يمكنك طلب المساعدة".
أضاف: "المشكلة الأخرى هي أنه حتى أكثر الأجهزة دقة لم يتم التحقق من دقتها لدى الأشخاص الذين يعانون اضطرابات في النوم. لذا إذا كنت تعاني الأرق أو انقطاع النفس أثناء النوم، فمن المرجح أن يكون جهازك أقل دقة... لأن 80% إلى 90% من الأشخاص الذين يعانون اضطرابات التنفس أثناء النوم لا يعرفون أنهم يعانونها".