أسعار النفط ومخاوف اضطراب الإمدادات

شهدت أسواق النفط حالة من التوتر على مدى الأسبوع الماضي، حيث تعاملت مع شائعات عن هجوم وشيك على البنية التحتية للنفط الإيراني واحتمال انقطاع كبير في الإمدادات بسبب الإعصار في الولايات المتحدة. ومع مرور الوقت وعدم حدوث أي شيء، انخفضت العقود الآجلة لخام برنت عند الإغلاق الجمعة بنحو 0.45 % عند 79.04 دولار للبرميل وانخفضت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط 0.38 % إلى 75.56 دولار للبرميل. حيث قام المتداولون بوزن الاضطرابات المحتملة في الإمدادات بسبب الصراع في الشرق الأوسط وتأثيرات إعصار ميلتون في الطلب على الوقود في فلوريدا.

ومع ذلك، ارتفع كلا المعيارين للأسبوع الثاني على التوالي بأكثر من 1 %، وارتفاع بأكثر من 10 % منذ الهجوم الإيراني على إسرائيل في الأول من أكتوبر. وقد غذت التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط هذا الارتفاع، وخاصة رد إسرائيل المحتمل على الهجوم الإيراني.كما ساعد إعصار ميلتون على دفع أسعار النفط إلى الارتفاع. مع ذلك لم يخلف الدمار المتوقع من إعصار من الدرجة الخامسة، حيث فقد كثير من قوته التدميرية قبل وصوله إلى اليابسة. ورغم تحرك الإعصار بعيدا عن الساحل، فإن تأثيره في البنية التحتية البترولية قد يستمر لبعض الوقت، ما يواصل دعم أسعار البنزين والنفط الخام.

وعلى الرغم من هذه العوامل الصعودية، لا تزال المخاوف بشأن الطلب العالمي على النفط مستمرة. فقد شهدت الصين، أكبر مستورد للنفط في العالم، نموا اقتصاديا أبطأ من المتوقع، ما أثار الشكوك حول قوة استهلاكها للنفط. رغم أن الصين أدخلت تدابير لدعم نمو القطاع الخاص، بهدف تعزيز ثقة المستثمرين وسط تباطؤ اقتصادي، إلا أنها لم تعزز ثقة المستثمرين بشكل كبير حتى الآن. حيث، إن بيانات الطلب الصيني ضعيفة، والحزمة التي تمت مناقشتها حتى الآن من شأنها أن تعزز نمو الناتج المحلي الإجمالي فقط بنحو 40 نقطة أساس.

في الولايات المتحدة، وعلى الرغم من بعض البيانات الاقتصادية الإيجابية وانخفاض التضخم إلى 2.4 %، فإن ارتفاع مخزونات النفط الخام -بنحو 5.8 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 4 أكتوبر- يشير إلى ضعف الطلب. وقد ضغط هذا الارتفاع على أسعار النفط التي كانت متذبذبة بالفعل بعد أن خاب ظن المتداولون بمزيد من التحفيز الصيني، حيث يعتقدون أن التحفيز الحالي غير كافٍ. ومن المتوقع أن يخفض الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة قريبا، وهو ما قد يزيد الطلب على النفط من خلال تحفيز النشاط الاقتصادي. ومع ذلك، تظل معنويات السوق مختلطة مع إصدار إدارة معلومات الطاقة توقعات بانخفاض الطلب على النفط في 2024 و 2025.

وتتوقع الإدارة الآن ضعف نمو الطلب العالمي بسبب تباطؤ النشاط الصناعي في كل من الصين والولايات المتحدة. إضافة إلى ذلك، فإن عودة إنتاج النفط الليبي إلى 1.25 مليون برميل يوميا يضيف مزيدا من الضغوط على جانب العرض.

عدم اليقين الكبير حاليا في السوق هو ما إذا كان مزيد من التصعيد في الصراع في الشرق الأوسط سيؤدي إلى انخفاض العرض من إيران. إن منتجي "أوبك بلس" لديهم كثير من الطاقة الاحتياطية المتاحة، لكن كثير منهم سيعتمد على حجم أي انقطاع في إمدادات النفط من إيران وما إذا كان المنتجون الرئيسيون الآخرون سيزيدون الإنتاج، وبأي سرعة. تاريخيا، عندما كان هناك انقطاع في إمدادات النفط في الشرق الأوسط، كانت السعودية والإمارات، اللتان يبلغ مجموع طاقتهما الاحتياطية أكثر من 4 ملايين برميل، تعوضان معظم الإمدادات المفقودة.

من المرجح أن تظل سوق النفط صعودية بحذر، مع استمرار المخاطر الجيوسياسية وانقطاعات الإمدادات في الولايات المتحدة بسبب إعصار ميلتون، حيث يتطلع المتداولون إلى ارتفاعات محتملة في الأسعار قد تتجاوز 80 دولارا للبرميل إذا ردت إسرائيل على إيران بقوة. مع ذلك، تظل المخاطر السلبية قائمة إذا استمر الطلب في الصين والولايات المتحدة في التعثر. وينبغي للمتداولين مراقبة التطورات الجيوسياسية، بيانات الطلب الصيني وتقارير مخزونات النفط الخام الأمريكية عن كثب لمعرفة مزيد من اتجاهات السوق.           

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي