من هو ساتوشي مخترع بيتكوين؟ جميعنا نحتاج أن نعرف
وثائقي من إنتاج شبكة "HBO" الأمريكية يشير إلى أنه بيتر تود.. لكن لا يزال الأمر غير محسوم
طبيعي أن ينتابنا الفضول لكشف هوية الشخص الذي خلق قيمة سوقية تتخطى تريليون دولار من فكرة إبداعية
من هو ساتوشي ناكاموتو مخترع عملة بيتكوين المشفرة؟ يخلص فيلم وثائقي من إنتاج شبكة "إتش بي أو" الأمريكية إلى أنه بيتر تود، ربما بمساعدة من آدم باك. ويكفي القول إن الحقيقة هنا لا تزال سؤال بلا إجابة؛ لكن هل الأمر يستحق؟ ولماذا نهتم بذلك؟
في الواقع هناك أمور كثيرة مهمة على المحك؛ منها بالتأكيد ما هو على المستوى الفكري، لكن ربما أيضاً على المستويين المالي والسياسي. فمن الطبيعي -والصحي أيضاً- أن ينتابنا الفضول لكشف هوية الشخص الذي خلق قيمة سوقية تتخطى التريليون دولار.
هل لا يزال ساتوشي حياً؟
لنفترض أن ساتوشي قد فارق الحياة ما يفسر اختفاءه. أحد الذين يرشحهم كثيرون لشخصية ساتوشي هو هال فيني وقد مات في 2014. وفقاً لهذا السيناريو، من المرجح أن تظل سمعة ساتوشي كما هي؛ فهو أو هي يظل غامضاً ولا يمكنه فعل شيء يشوّه بيتكوين. أما بيع "الكتلة الأصلية" لبيتكوين المملوكة لساتوشي، وهي كتلة كبيرة وعالية القيمة، فهو أمر أقل ترجيحاً. وربما يجري تجميدها للأبد، بقيمتها الحالية التي تبلغ عشرات المليارات من الدولارات.
وفاة ساتوشي تعني أيضاً استحالة خروجه علينا بدعوة لتغيير قواعد بيتكوين، كأن يدعو مثلاً لإتاحة إنشاء مزيد من العملة المشفرة. هذا الاحتمال من المرجح أيضاً أن يعزز قيمة بيتكوين. في المقابل، ربما يكون لساتوشي (لو أنه لا يزال حياً) تأثير كبير في مستخدمي بيتكوين والمؤسسات المرتبطة بها حال دعوته لتغيير بعض القواعد.
يتضح الأمر أكثر إذا قارناه مع الأديان. تستند معظم الأديان الرئيسية في العالم إلى تعاليم أشخاص غادروا دنيانا، وهو ما يجعل استمرارها أمراً أسهل مقارنة مع الأديان التي لها قادة أحياء يتمتعون بالكاريزما، ويحظون باهتمام إعلامي مستمر، وقد يقعون في أخطاء وزلات. وربما كان من الأفضل لعملة بيتكوين لو أن ساتوشي قد فارق الحياة.
ساتوشي شخص واحد.. أم فريق صغير
من المهم أيضاً معرفة ما إن كان ساتوشي شخصاً منفرداً أم أنه اسم يرمز لفريق صغير. إن كان شخصاً منفرداً فقد يعني ذلك أن احتمال حدوث ابتكارات مستقبلية هو احتمال أكبر من الاعتقاد السائد؛ كون ساتوشي عمل بمفرده يعني أنه ربما يوجد حولنا مزيد من العباقرة المجهولين. على الجهة الأخرى فإن كان ساتوشي فريقاً فهذا يعني أن حفظ الأسرار أسهل مما يظن الناس. ولو أن الأمر كذلك فقد تكون نظريات المؤامرة حقيقية بدرجة أكبر مما نود تصديقه.
تقول كثير من التكهنات إن ساتوشي ينتمي إلى حركة مهووسة بآليات النقد الإلكتروني والذهب الإلكتروني التي تعود إلى ثمانينيات القرن الماضي. ومن بين أعضاء تلك الحركات الذين ظهرت أسماؤهم كمرشحين محتملين لشخصية ساتوشي كل من نيك سزابو وهال فيني ووي داي وديفيد تشاوم ودوجلاس جاكسون، إضافة إلى آخرين. اعتُبرت تلك الحركات فاشلة في ذلك الوقت لأن منتجاتها لم تستطع الاستمرار. لكن الدرس المستفاد هنا هو أن الحركات لا تفشل بصورة كاملة ودائمة. وتجدر المحاولة في اتجاهات غير مطروقة لربما تثمر تلك الجهود.
لو أن بيتر تود هو ساتوشي فربما من المناسب أن نرفع مستوى تقديراتنا لقدرة الشبان اليافعين على الإنجاز إذ سيعني ذلك أن تود عمل على مشروع بيتكوين ووثيقتها المسماة "الورقة البيضاء" وهو في أوائل العشرينيات من العمر. في الوقت نفسه، لو كان آدم باك، الذي ينتمي أكثر إلى الاتجاه التقليدي، فالدرس المستفاد من مشاركته في إنشاء بيتكوين هو أن على الشبان في مرحلة التمرد أن يبحثوا عمن يكبرونهم سناً حتى يرشدونهم إلى طريقة سير الأمور.
أياً كانت هوية ساتوشي الحقيقية فإن عدم تحرك الكتلة الأصلية يثير تساؤلات كبيرة حول الدوافع الإنسانية. هل بيننا من لا يريد أن يمتلك عدة مليارات؟ ما الأسباب الممكنة لعدم بيعه الكتلة؟ ربما توفي ساتوشي بشكل مفاجئ – لكن حتى أثناء احتضاره ربما يُتوقع منه أن يتصرف في الأموال بطريقة أو بأخرى، ولو بتخصيصها لأحد أقربائه أو الأمور الخيرية. أم أن ساتوشي أعدم كلمة المرور الخاصة به في نوبة غضب أو في مسعى للسيطرة على النفس؟
المخابرات الأمريكية وساتوشي
إحدى النظريات الأكثر شططاً (والأقل قبولاً لدي) هي أن المخابرات المركزية الأمريكية هي ساتوشي، أو على الأقل هي الجهة التي تقف وراءه. ولو صح ذلك فستكون المخابرات الأمريكية أكثر ابتكاراً بكثير مما ظننت! وهي معروفة على نطاق واسع بموهبتها في التشفير لكنها لا يكاد يعرف عنها الابتكار. وأياً كانت القصة فهي مثيرة للاهتمام. وربما لا يزال ساتوشي على قيد الحياة، ويرى أنه من الضروري تجنب الشهرة الطاغية والثراء الفاحش، وسيكون على حق في ذلك.
أثق أننا سنعرف يوماً ما من هو ساتوشي أو من كان، وسيتعين علينا تغيير وجهات نظرنا عن العالم وفقاً لذلك.
يحظى ارتفاع سعر بيتكوين باهتمام متزايد الذي يعود جزئياً إلى أن بعض المستثمرين يعدون هذا الصعود إشارة إلى أن الأسواق تتوقع فوز المرشح الجمهوري المؤيد للعملات المشفرة دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
وارتفع سعر العملة المشفرة بنحو 13% خلال الأيام السبعة الماضية، متفوقةً بشكل كبير على مؤشر الأسهم العالمي والذهب. وأشار الملياردير ستان دروكنميلر إلى العملات المشفرة كأحد المؤشرات التي تدل على أن الأسواق تأخذ في الحسبان فوز الرئيس السابق في الانتخابات.
تعهد ترمب بجعل الولايات المتحدة عاصمة العملات المشفرة على مستوى العالم، بينما يتنافس على الأصوات في سباق متقارب مع منافسته الديمقراطية نائبة الرئيس كامالا هاريس. وأدى دعمه لهذا القطاع إلى تصنيف بيتكوين على أنها "تجارة ترمب"، وهي إحدى الرهانات التي تعتمد على عودته إلى البيت الأبيض. وجاء تقدم بتكوين بالتزامن مع تغييرات في أسواق التوقعات، وهي منصات مثيرة للجدل ذات قيمة معلوماتية مشكوك فيها حيث يمكن للمتداولين الرهان على نتائج الانتخابات. ارتفعت احتمالات فوز ترمب على منصة "بوليماركت" (Polymarket) إلى 58%، في حين انخفضت احتمالات هاريس إلى 41%. أما في منصة "بريديكت إت" (PredictIt)، فبلغت احتمالات فوز ترمب 54% مقارنة بـ 49% لهاريس.
التدفقات في صناديق المؤشرات المتداولة
قالت أريسا تويوساكي، الشريكة المؤسسة لمزود خدمات مشتقات العملات المشفرة "سيغا" (Cega): "الإثارة في أسواق التوقعات تؤدي إلى مستويات عالية من التقلب الضمني، وارتفاع في أسعار بيتكوين الفورية". كما أن "التدفقات الكبيرة الأخيرة إلى صناديق المؤشرات المتداولة لبيتكوين تغذي أيضاً هذا الارتفاع".
بلغت التدفقات الصافية إلى مجموعة من 12 صندوق مؤشرات متداولة لبيتكوين في الولايات المتحدة أكثر من 1.6 مليار دولار منذ 11 أكتوبر. واستقر سعر العملة عند نحو 67260 دولاراً في الساعة (12:58) ظهراً يوم الخميس في سنغافورة، مقارنةً بالرقم القياسي في مارس البالغ 73798 دولارا.
على الرغم من تحرك أسواق التنبؤات لصالح ترمب، فإن الفارق في معظم استطلاعات الرأي لا يزال ضمن هامش الخطأ مع أقل من 3 أسابيع على يوم الانتخابات. وتتقدم هاريس على ترمب بنحو 1.6 نقطة مئوية في متوسط استطلاعات الرأي الوطنية التي تجريها "ريل كلير بوليتكس". يتصدر ترمب بفارق أقل من نقطة مئوية واحدة في الاستطلاعات المكافئة في الولايات الحاسمة.
موقف هاريس
تبنت هاريس موقفاً دقيقاً بشأن العملات المشفرة، متعهدةً بدعم إطار تنظيمي للأصول الرقمية، وكذلك نمو الصناعة وفق ضمانات مناسبة. أدى موقفها إلى موجة من التفاؤل بين المتداولين بالعملات المشفرة، حيث يتناقض ذلك مع حملة الملاحقة في عهد إدارة بايدن.
ميلتم ديميرورز، الشريكة العامة في "كروسيبل كابيتال" (Crucible Capital) صرح عبر تليفزيون "بلومبرغ": "ظهور العملات المشفرة كقضية انتخابية يجذب كثير من الاهتمام إلى بيتكوين وفئة الأصول المشفرة بشكل أوسع، وهذا الاهتمام يتحول إلى معنويات، وكما نعلم، فإن المعنويات تقود إلى التدفقات".
شكّل دعم ترمب لهذا القطاع تحولاً كبيراً، بعد أن وصفه سابقاً بأنه "احتيال". أصبحت شركات الأصول الرقمية لاعبين مؤثرين في الانتخابات من خلال التبرعات الكبيرة للجان العمل السياسي في سعيها للحصول على قواعد أكثر دعماً.
في مقابلة عبر تلفزيون "بلومبرغ" يوم الأربعاء، قال دروكنميلر: إن السوق خلال الأيام الـ 12 الماضية "كانت مقتنعة للغاية" بفوز ترمب. و"يمكنك رؤية ذلك في أسهم البنوك، ويمكنك رؤيته في العملات المشفرة".
خاص بـ"بلومبرغ"