الاقتصاد في الانتخابات الأمريكية
يتم انتخاب الرئيس الأمريكي الجديد القديم للجمهوريين أو أول امرأة للديمقراطيين. الحالة الاقتصادية أو النظرة لها دائما من أهم عوامل اختيار أحد المرشحين. في نظري هناك 3 مساحات لمناقشة الموضوع. الأولى، أن هناك جديدا دائما في التغير الاجتماعي السياسي في النظرة للاقتصاد. الثانية، العوامل الموضوعية التي تهم الناس مثل التضخم والبطالة والضرائب ونسب الفائدة وتأثيرها في القروض الإسكانية. الثالثة، القضايا العامة المكلفة ولكن عادةً دون علاقة بدخل الأفراد مباشرة مثل السياسات البيئية والهجرة والدين العام والتجارة الدولية خاصة مع الصين. هذه الانتخابات غير عادية أيضا في كون ترمب معروفا بصفته رئيسا سابقا، بينما كمالا هريس أيضا تاتي بتبعات فريق كانت جزءا منه. فكليهما لديه ما يدافع عنه.
منذ أن قال أحد المراقبين إنه الاقتصاد أيها الغبي ( It is the economy stupid ) في رسالة عن اهتمام الناس بحالتهم الاقتصادية للتصويت، و كل مرشح يخطب ود العامة بما أنجز أو سينجز اقتصاديا، و يدغدغ المشاعر من خلال وعود بعضها ممكن وبعضها غير ممكن. لكن هناك قضايا اجتماعية وسياسية تغلب الحالة الاقتصادية خاصة حين يكون الاقتصاد في حالة مقبولة (تضخم محدود وبطالة منخفضة)، بعض القضايا مثل السيطرة على السلاح والإجهاض والهجرة و العملات الرقمية تكون مهمه بقوة لفئات معينة في فترات معينة، قضايا قد لا تكون حاسمة فرديا، ولكنها قد تغلب الحالة الاقتصادية في الأهمية مجتمعة.
الحالة الاقتصادية اليوم جيدة، ولكن كما يعرف كل مهتم بالاقتصاد ليست وليدة سياسات اليوم، ولكن ما زُرع من سنوات. النمو ليس عاليا، ولكنه مقبول والدولار أعلى من المتوسط والتضخم تقريبا تمت السيطرة عليه، والبطالة قريبة من أدنى مستوياتها. ما صاحب أزمة كوفيد شوه المنظار الاقتصادي وسمح للفريقين بالتلاعب بالتبعات الاقتصادية والإعلامية، ولكن هذا بدأ يختفي من الرادار. تقليديا، الجمهوريون لديهم نزعة لسياسة السوق وتصغير الحكومة وتقليل الضرائب والحد من الهجرة وإضعاف الجهات الرقابية لكيلا تعوق الحراك الاقتصادي والمالي، وبالتالي السيطرة على العجز ، بينما نزعة الديموقراطيين نحو العكس تقريبا بدرجات مختلفة.
الجديد ربما حصل بعض التداخل الذي جعل الانقسام أقل وضوحا، خذ مثلا، الهجرة التي عادت تخدم الجمهوريين لتوفير عمالة غير مكلفة خاصة في ظل انخفاض النمو السكاني، ولكنها تنافس قطاعا كبيرا من قاعدة الديموقراطيين من السود وذو الأصول اللاتينية، ولكن النزعة الوطنية ضد الهجرة في تناقض مع النمو الاقتصادي، لكن الديموقراطيين من منظار ليبرالي مع الهجرة، لذلك هناك تداخل بين السياسي والاقتصادي يجعل بعض القضايا في منطقة رمادية، إذ رأينا كيف غيرت كمالا موقفها.
كثير من القضايا المهمة اقتصاديا لا تعطى أهمية بسبب تعقيدها من ناحية ونزعة الإعلام للتركيز على الإثارة من ناحية أخرى، فمثلا الدين العام وصل إلى 100% من GDP لأول مرة في حالة السلم، ولكن لن تجد أيّا من المرشحين يتحدث بأي درجة من التفصيل، لأن كليهما له دور وإن كان دور الديموقراطيين أعلى. عرجت على موضوع الهجرة أعلاه، ولكن يصعب أن تتخيل النمو الاقتصادي دون عامل الهجرة، فالجمهوريون يلحون على تقليصها بقوة، ما حدا بالديموقراطيين إلى التقليد.
من القضايا الملحة التي لها تأثير علينا موضوع البيئة على الأقل في الجانب الذي يخص النفط. سياسة الجمهوريين أقرب لتخفيف القيود على الصناعة النفطية، وبالتالي إمكانية رفع الإنتاج ولكن أيضا توظيف النفوذ الأمريكي للحد من طغيان وكالة الطاقة العالمية، بينما الديموقراطيون أقرب للطرح للأوروبي، ولكن أيضا النفط الصخري أخذ زخمه المؤثر أثناء إدارة أوباما، ولم يكن بايدن عقبة.
أصبحت التعرفة الجمركية كنوع من الضرائب، أحد أسلحة العلاقة مع الصين وغيرها لتأكيد السياسة الحمائية، وهذه نافذة أخرى لإعادة تنظيم العلاقات بين الدول، و أيضا تضخمية التأثير، ولكن لا تناقش بدقة.
كلمة أخيرة عن السياسة الخارجية لعلاقتها بالاقتصاد، اعتيادا لا يكون لها دور إذا أمريكا ليست في حرب أو أزمة مباشرة، دورها عادة يكون حاضرا في حالة دور مباشر، حينها قد يكون حاسما.