تأثيرات مثيرة لفوز دونالد ترمب في الاقتصاد العالمي .. هل يعود نهج الحمائية؟

تأثيرات مثيرة لفوز دونالد ترمب في الاقتصاد العالمي .. هل يعود نهج الحمائية؟

سواء كنت من أنصار دونالد ترمب أو خصومه أو كنت من المؤمنين بما يطرحه من أفكار وآراء أو من المعادين له والرافضين لنهجه ورؤيته فإن الشيء المؤكد الذي يتفق أنصار الرجل و خصومه عليه أنه وبوصفه الرئيس الأمريكي الجديد، سيكون لفوزه تأثيرات كبيرة وملحوظة ومثيرة للجدل في الاقتصاد العالمي.

لدونالد ترمب سياساته الاقتصادية التي تضم مزيجا من الحمائية و"أمريكا أولا"، وتهدف إلى تعزيز مصالح الولايات المتحدة على حساب العلاقات الاقتصادية الدولية التقليدية. ولا شك أنه بمقدار ترحيب عديد من قطاعات الشعب الأمريكي بتلك السياسة فإن آخرين يعلنون رفضهم لها محذرين من تأثيراتها الضارة في الاقتصاد الدولي.

"الاقتصادية" استطلعت آراء مجموعة من الخبراء الغربيين حول توقعاتهم للتأثيرات التي سيتركها الإعلان بفوز ترمب بالانتخابات الرئاسية الأمريكية في مسار الاقتصاد العالمي.

الدكتور إس دي مارك أستاذ الاقتصاد الدولي في جامعة لندن يقول "ترمب معروف باتباعه نهجا حمائيا، يتضمن فرض رسوم جمركية عالية على الواردات لحماية الصناعات الأمريكية، وهذا يعني أننا سنشهد تصاعدا في التوترات التجارية مع الشركاء الاقتصاديين الرئيسيين".

وأضاف أن الصين والاتحاد الأوروبي سيتصدروا قائمة أبرز المتأثرين، ما يؤدي إلى حرب تجارية متجددة، وقد تؤثر هذه السياسات في سلاسل التوريد العالمية، وتزيد من كلفة الإنتاج، ما ينعكس على أسعار السلع والخدمات عالميا، فعودة السياسات الحمائية قد يؤدي إلى تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي بنسب تراوح بين 0.5% و1%.

تشير التوقعات إلى أن ترمب يعزز الاستثمارات داخل الولايات المتحدة عبر تقديم حوافز ضريبية للشركات الأمريكية، ودعوة الشركات العالمية للاستثمار في السوق الأمريكية.

مع هذا يحذر الخبير الاستثماري دي أر أرثر بأن ليس كل ما يلمع ذهبا، إذ يؤكد أن هذه الحوافز قد تقود إلى خروج رؤوس الأموال من الأسواق الناشئة لصالح السوق الأمريكي الأكثر استقرارًا، ما يهدد الاقتصادات الناشئة التي تعتمد على الاستثمارات الأجنبية. ويلاحظ تراجعا في أسعار العملات وأسواق الأسهم في هذه الدول، بينما يرتفع الدولار ويزداد الطلب على السندات الأمريكية".

ويحذر الخبير الاستثماري أرثر من النهج الاستثماري لترمب قائلا "نظرا لترابط الاقتصاد العالمي بفضل حرية التجارة والعولمة وترمب من خصوم العولمة فإن ازدهار اقتصاد الأمريكي على حساب الاقتصادات الناشئة بسحب الاستثمارات الدولية ورؤوس الأموال من تلك الاقتصادات لمصلحة الاقتصاد الأمريكي سيجعل تلك البلدان في أزمة اقتصادية ستمتد إلى الاقتصاد الأمريكي عاجلا أم آجلا نظرا لترابط الاقتصاد الدولي وسيكون التضخم المرتفع أحد أبرز وجوه تلك الأزمة".

 

يميل ترمب إلى دعم صناعات الطاقة التقليدية كالنفط والغاز، ويعارض الالتزامات البيئية التي تفرض قيودًا على الانبعاثات الكربونية، قد يشجع هذا سياسات إنتاج نفطية قوية في الولايات المتحدة، ما يؤثر في أسواق النفط العالمية، ويدفع بعض الدول لزيادة الإنتاج لضمان منافسة الولايات المتحدة في سوق الطاقة.

لكن هذا التوجه قد يوجد اضطرابًا في أسعار النفط، ويؤثر في الاقتصاد المعتمدة على تصدير النفط ويعد بعض الخبراء أن أي ضرر اقتصادي للبلدان النفطية يعد خبر سيء ليس فقط للاقتصاد المحلي لتلك البلدان أو للمنظومة الاقتصادية الدولية وإنما للاقتصاد الأمريكي ذاته بإضعاف قدرات الدول النفطية في تعزيز إمكاناتها المالية للتجارة والاستثمار مع الولايات المتحدة.

الدكتورة صوفي فليب أستاذة المالية العامة في جامعة لندن تضيف أن فوز ترمب قد يؤثر في الدولار الأمريكي إيجابيًا في المدى القصير، وسيصبح الملاذ الآمن للمستثمرين، ما يؤدي إلى ارتفاع قيمته أمام العملات الأخرى، غير أن ارتفاع الدولار قد يضعف القدرة التنافسية للصادرات الأمريكية على المدى الطويل، ما يؤثر في الشركات الأمريكية التي تعتمد على الأسواق الخارجية. وقد تتخذ الدول الأخرى تدابير للتخفيف من تأثير قوة الدولار، كإجراء تخفيضات في سعر الفائدة أو ضخ سيولة أكبر في الاقتصاد".

لكن أساتذة السياسة الدولية ومن بينهم الدكتور جوبتا نارسمها راو أستاذة العلوم السياسية في جامعة كامبريدج يربطون بين النهج السياسي لترمب وتأثيرة في الاقتصاد الدولي.

يقول الدكتور جوبتا نارسمها إن ترمب يعرف بنهجه الحاد في السياسة الخارجية، ما قد يثير توترات في العلاقات الدولية، خاصة مع الصين وإيران ودول أخرى، وهذه التوترات يمكن أن تؤدي إلى زيادة تقلبات الأسواق العالمية، وتدفع المستثمرين إلى الابتعاد عن الأصول ذات الأخطار العالية. ويمكن أن يكون لذلك أثر غير مباشر في الاقتصاد العالمي، حيث تصبح البيئة الاستثمارية أقل استقرارًا، ويقل التوسع الاستثماري، لا سيما في المناطق التي ترتبط بشكل وثيق بالسياسات الأمريكية.

من هنا يرى الخبراء أن الأمر لن يتوقف على نهج ترمب الاقتصادي وتأثيرة في الاقتصاد العالمي بقدر ارتباطه أيضا بمدى استجابة الدول الأخرى لهذه السياسات، وقدرتها على إعادة تشكيل علاقاتها التجارية والمالية بما يحافظ على الاستقرار العالمي.

الأكثر قراءة