أسعار النفط تقاوم ضغوط الطلب وترتفع

شهدت أسعار النفط حالة من الاضطراب خلال الأسبوع الماضي، حيث علقت بين مؤشرات العرض الصعودية ومخاوف الطلب الهبوطية. وعكس سوق النفط صراع القوى، من تداعيات الانتخابات الرئاسية الأمريكية وإستراتيجيات "أوبك بلس"، إلى مخاوف الطلب في الصين والتوترات الجيوسياسية. أدى استمرار حالة عدم اليقين إلى خلق حالة من الدفع والجذب في السوق أبقت الأسعار متقلبة.

حققت أسعار النفط مكاسب أسبوعية بأكثر من 1 %، على الرغم من تراجعها يوم الجمعة، مع تضاءل تهديد إعصار رافائيل للإنتاج الأمريكي وتراجع مؤشرات الطلب، وتحول انتباه السوق إلى المستويات الفنية الحرجة والتأثيرات المحتملة للإدارة الأمريكية الجديدة. وأغلقت العقود الآجلة لخام برنت وخام غرب تكساس الوسيط في نهاية تعاملات الأسبوع عند 73.87 و 70.35 دولار للبرميل على التوالي.

قدمت "أوبك بلس" دعما لأسعار النفط بإعلانها عن تأجيل زيادة الإنتاج المخطط لها في ديسمبر المقبل لمدة شهر واحد، بسبب استمرار مخاوف الطلب وارتفاع العرض من خارج المجموعة. وعلى الرغم من أن استئناف الإنتاج الليبي أدخل بعض الضغوط الصعودية على العرض العالمي، إلا أن الامتثال الأفضل في الأشهر الأخيرة من دول مثل العراق ساعد على تحقيق التوازن في السوق. ويشير المحللون إلى أن "أوبك بلس" تتبنى نهجا متحفظا، وتراقب علامات التعافي الاقتصادي العالمي من تعديلات السياسة الاقتصادية الأمريكية والصينية قبل الالتزام بمزيد من تنقيحات العرض. وقد أعطى هذا النهج الحذر وإستراتيجية معايرة السوق للمتداولين بعض الثقة في استقرار الأسعار. وهذا النهج الاستباقي أكده وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان في مناسبات عدة.

من جهة أخرى، هيمنت الانتخابات الرئاسية الأمريكية على عناوين الأخبار خلال الأسبوع الماضي، ما أثار تكهنات واسعة النطاق حول كيفية تنفيذ إدارة ترمب الجديدة لوعودها الانتخابية في الأسابيع والأشهر الأولى من ولايتها. على الرغم من أن رد الفعل الأولي لسوق النفط على الأخبار التي تفيد بفوز ترمب في التصويت كان هبوطيا، إلا أن الأسعار انتعشت لاحقا، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى التوقعات بأن إدارته ستشدد عقوباتها على إيران وفنزويلا، ما يؤثر في العرض. قد يؤدي الاستعادة الكاملة لسياسات "الضغط الأقصى" على إيران إلى تشديد إمدادات النفط العالمية، وإزالة أكثر من مليون برميل يوميا من السوق. ومع ذلك، يشير المحللون إلى أن العقبات اللوجستية والسياسية قد تؤخر التأثيرات الفورية.

وفي الوقت نفسه، يشير موقف ترمب المؤيد للنفط والغاز إلى أن إدارته ستشجع مزيد من الإنتاج في الولايات المتحدة، وهو ما سيكون له تأثير معاكس في الأسعار. ومع ذلك، يعتقد بعض المحللين أنه قد تكون هناك تغييرات أقل وأخف في السياسات الفيدرالية الأمريكية.

ما زاد الضغط على أسعار النفط، تراجع المخاوف بشأن الاضطرابات المحتملة في الإنتاج بسبب إعصار رافائيل. على الرغم من أن الإعصار أدى في البداية إلى إغلاق مؤقت لنحو 400 ألف برميل يوميا من إنتاج الخام الأمريكي في خليج المكسيك، فإن التوقعات المحدثة من المركز الوطني للأعاصير تشير الآن إلى أن العاصفة ضعفت خلال عطلة نهاية الأسبوع. وبالتالي، انخفض خطر انقطاع الإمدادات لفترة طويلة، ما أدى إلى تحول تركيز السوق بعيدا عن أخطار العرض والتركيز مرة أخرى على أساسيات الطلب، وخاصة في ضوء المؤشرات الاقتصادية الضعيفة.

في المقابل، تظل الصين -أكبر مستورد للنفط في العالم- مصدر قلق لسوق النفط العالمية، مع انخفاض وارداتها النفطية في أكتوبر بنسبة 9 % على أساس سنوي – وهو الشهر السادس على التوالي من الانخفاضات. يعمل هذا الاتجاه على تزايد المخاوف بشأن الطلب المستدام من آسيا، وهو عامل حاسم لأسعار النفط. مع الضغوط الإضافية من ارتفاع مخزونات الخام الأمريكية، فإن هذا التباطؤ في الطلب يحد من احتمالات ارتفاع الأسعار المستدام. كان المتداولين يأملون في أن تعمل جهود التحفيز الأخيرة في الصين على دعم الطلب، لكن التدابير استهدفت في المقام الأول تخفيف أعباء الديون للحكومات المحلية، ولم تصل إلى تعزيز السوق على نطاق واسع.

في ضوء المستويات الفنية الحرجة، تراجع أخطار الأعاصير، وعلامات ضعف الطلب، من المرجح أن تظل سوق النفط في اتجاه هبوطي في الأمد القريب. وقد تكافح أسعار النفط لاكتساب الزخم الصعودي في غياب محفزات جديدة للطلب أو تحول جيوسياسي حاسم. وينبغي للسوق أن تراقب عن كثب التحولات في مؤشرات الطلب وأي إعلانات سياسية من الولايات المتحدة قد تؤثر في توقعات العرض.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي