تحديات نظام برتون وود
انتهت مرحلة وجاءت أخرى في المنظومة إلى أن وصلنا اليوم إلى حالة جديدة من الاستقطاب السياسي ممثلة في حرب روسيا وأوكرانيا ومن صفهم وخاصة الصين، لكن أيضا إيران وكوريا الشماليه مقابل الغرب، والاقتصادي بين أمريكا والصين وحتى أوروبا ممثلا بالاختلاف في التوجهات والسياسات من جهة وارتفاع وتيرة الرسوم الجمركية كإعلان عن إعادة تمركز بين الأقطاب الاقتصادية الثلاثة، وأيضا لسياسات الطاقة والبيئة دور في الخلافات. هذا التغير في المشهد الجيواقتصادي على خلفية تآكل المنظومة نذير بنشوء نظام جديد.
هناك اجماع على استحقاق منظومة جديدة لكن في ظل الاستقطاب يصعب تخيل مساحة للتعاون الضروري. اطلعت على مقالة طويله للاقتصادي Mathew Hamilton بعنوان : What is Bretton Wood? The contested pasts and potential futures of international economic order- ما هي برتون وود؟ الاختلاف على الماضي وفرص نظام اقتصادي عالمي.
نظام برتون وود في الأخير كان تعبيرا عن الطرف المنتصر في الحرب والأقوى اقتصاديا لذلك تكونت مع الوقت مشاعر ضده في كونه يمثل هيمنة غربية على دول الجنوب العالمي. فبعد الانفصال بين الدولار والذهب ونمو التجارة العالمية وتطور أسواق رأس المال بدعم من تطور مذهل في التقنية ارتفع التفاوت في الأداء الاقتصادي والتذبذب مصحوبا بارتفاع في الدين. أخذت الغرب بسياسة ليبرالية في الثمانينيات والتسعينيات لم تستطيع دول كثيرة التكيف معها. في قلب المنظومه الخلاف حول دور صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، خاصة منذ ما يسمى " اجماع واشنطن" حيث سيطرت سياسة اقتصاد السوق على توصياتهم دون تعمق في القاعدة المؤسساتية والاجتماعية للكثير من الدول المحتاجة إلى دعمهم. كرد فعل على نهاية مرحلة تكون تجمعات اقتصادية جديدة بسبب ظهور قوى اقتصادية جديدة مثل مجموعة العشرين ومجموعة البركس في محاولة لإعادة تماسك أو تأهيل أحيانا والتفكير في بديل. فهناك تحديات لصندوق النقد والبنك الدولي.
طبقا لهملتون المستقبل أما عن طريق إصلاح عميق تشاركي هذه المرة وليس تعديلا هامشيا، فمثلا من خلال أوزان التصويت في الصندوق والبنك لتعكس دور الدول المؤثرة الصاعدة ودول العالم الثالث.
أيضا يرى دورا للسياسات البيئية والمناخية وإيجاد نموذج جديد يجمع بين الاستحقاقات البيئية والمناخية من ناحية والنمو الاقتصادي من أخرى. في الأخير كثير يعتمد على الإدارة الأمريكية الجديدة كما ذكر الرئيس ووزير الخزانة المرشح من ناحية والظروف العالمية التي تتغير بسرعه. أيضا يصعب تصور تنازل غربي مهم في ظل الاستقطاب السياسي والتجاري خاصة في ظل دور الدولار واعتماد أمريكا على الدين والاستثمار الخارجي.