مترو الرياض بين "رؤيتين"
تأخذك الرياض في سباق مع الزمن لتشهد قصة نجاح من نوع مختلف ليس في التحول إلى مركز عالمي للتجارة والأعمال فحسب وإنما في جاذبيتها كأحد أفضل عواصم العالم في جودة الحياة.
الأفكار العظيمة التي وضعها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حين كان رئيسا للهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض تترجم اليوم على أرض الواقع بإطلاق مترو الرياض، أحدث وأحد أكبر مشاريع النقل العام في العالم.
رؤية الملك سلمان لمستقبل العاصمة يجني ثمارها السعوديون والمقيمون وزوار الرياض بهذا المشروع التنموي الضخم الذي يغير وجه النقل العام في البلاد ليس على صعيد النقل بالحافلات أو القطارات والطائرات فقط بل يرسم خريطة جديدة للاستثمار بشكلها عام.
الرؤية السلمانية تتحقق بعد أن امتزجت عناصرها برؤية أخرى هي رؤية السعودية 2030 التي خط تفاصيلها ولي العهد رئيس مجلس إدارة الهيئة الملكية لمدينة الرياض الأمير محمد بن سلمان.
ماذا يعني إطلاق مترو الرياض للسعوديين؟ وما العائد والأثر المنتظر في سكانها؟ وما الرسالة التي نجحت الرياض في إيصالها إلى العالم وهي تطلق هذا المشروع بالتزامن مع إعلان ميزانية 2025 التوسعية التي تعزز الإنفاق التحولي لدعم النمو الاقتصادي؟
بداية يعد مترو الرياض استكمالا لمنظومة النقل العام في العاصمة بشقّيه الحافلات والقطار ويؤسس لنظام نقل عصري بمعايير عالمية يراعي خصائص هذه المدينة وواقعها بشكل مستدام ويجعلها الوجهة الأكثر تنافسية كمركز مالي وتجاري إقليمي.
تتحول الرياض إلى مدينة عالمية بمواصفات مختلفة تقدم قيمة مضافة لقاطنيها.. نحن أمام عاصمة باتت تنافس واشنطن وبكين ولندن وغيرها من عواصم صناعة القرار السياسي والاقتصادي في العالم لما تقدمه من خدمات لوجستية بداية من العيش إلى النقل ثم السياحة والترفيه حتى التجارة والاستثمار.
المواطن العادي سيجني ثمار وجود المترو بمساراته الستة على امتداد 176 كيلومترا باختصار للزمن وتخفيض تكاليف التنقل وكذلك سيلمس حلا عمليا لمشكلة الازدحام المروري التي تواجهها معظم المدن الكبرى في العالم وتوفير الوقود من التنقل بالسيارات بمئات آلاف اللترات يوميا، إضافة إلى تقليل الانبعاثات وتحسين الواقع البيئي في العاصمة، فضلا عن توفير فرص عمل جديدة في المشروع والأعمال المساندة وتنويع خيارات السكن وتملك العقارات في مناطق الرياض ومحيطها.
بالنسبة للشركات الأجنبية والمستثمرين فقد التقطوا الإشارة مبكرا من الرياض بشأن جدية التحولات الاقتصادية الجارية في السعودية، فشهدنا اختيار 540 شركة عالمية نقل مقارها الإقليمية إلى الرياض والبدء في ضخ مزيد من الاستثمارات فيها.
إطلاق مترو الرياض بالتزامن مع إعلان ميزانية السعودية التوسعية 2025 يعطي رسالة للعالم بقوة الاقتصاد السعودي بأن الإنفاق مستمر سواء على مشاريع البنية التحتية أو المشاريع الرأسمالية الأخرى في وقت تئن فيه عواصم اقتصادات عالمية كبرى من أزمات اقتصادية دفعتها إلى ترشيد الإنفاق ووقف المشاريع التوسعية، وهذا الأمر لم تفعله الرياض، التي تواصل الإصلاحات الهيكلية والإنفاق لتعزيز التنمية.