أسعار النفط .. هل التوقعات هبوطية بحذر؟
شهدت أسواق النفط تقلبات خلال تداولات الأسبوع الماضي مع تجدد المخاطر الجيوسياسية في شرق القارة الأوربية التي أثارت المخاوف من احتمال انقطاعات في الإمدادات. كما خيمت أجواء من عدم اليقين على معنويات السوق بسبب تأجيل "أوبك بلس" لاجتماعها إلى الخامس من ديسمبر، ما ترك السوق غير متأكد من إستراتيجيات الإنتاج المستقبلية. إضافة إلى ذلك، أثرت التداولات المحدودة –بسبب عطلة عيد الشكر في الولايات المتحدة– في نبرة السوق الحذرة. وبينما ظلت إمدادات النفط من الشرق الأوسط غير متأثرة إلى حد كبير، حذر المحللون من المخاطر المتزايدة على الإنتاج الروسي وسط تصاعد التوترات الإقليمية والعالمية. إضافة إلى ذلك، خطط إيران لتوسيع تخصيب اليورانيوم وإنفاذ العقوبات المحتملة قد تقيد العرض بشكل أكبر، حيث توقع جولدمان ساكس انخفاضا محتملا بنحو مليون برميل يوميا العام المقبل.
لكن، على الرغم من هذه العوامل الصعودية نسبيا، هبطت العقود الآجلة لخام برنت وخام غرب تكساس الوسيط الأسبوع الماضي بأكثر من 4 % إلى 71.84 و 68.00 دولار للبرميل على التوالي، مع تراجع علاوة المخاطر الجيوسياسية بعد الهدنة بين إسرائيل وحزب الله. أرجأت "أوبك بلس" اجتماعها المقبل إلى 5 ديسمبر، حيث أفادت التقارير أن الأعضاء يناقشون تأجيل زيادة الإنتاج المتوقعة التي من المقرر أن تبدأ في يناير 2025، وينسقون مستقبل تعويض التخفيضات من العراق وكازاخستان. تظل المجموعة عاملا محوريا لسوق النفط، حيث تهيمن المناقشات حول إستراتيجيات الإنتاج على معنويات السوق.
وتشير التقارير إلى أن الأعضاء يفكرون في تأجيل زيادات الإنتاج المخطط لها لشهر يناير وسط حالة عدم اليقين المستمرة بشأن الطلب ووفرة العرض. لقد قدمت عمليات خفض الإمدادات المستمرة بعض الدعم للأسعار، حتى مع استمرار مخاوف الطلب الهبوطية في الصين والولايات المتحدة. في الوقت نفسه، قدمت التطورات الجيوسياسية إشارات متباينة للسوق. حيث، تفاعلت أسواق النفط بشكل حاد بعد الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان، الذي يهدف إلى تهدئة الصراع مع حزب الله. وقد أدى هذا النبأ إلى انخفاض سريع في أسعار النفط، ما أدى إلى إزالة جزء كبير من علاوة المخاطر الجيوسياسية.
وراهن المشاركون في السوق بأن وقف إطلاق النار قد يدفع الولايات المتحدة إلى تخفيف العقوبات المفروضة على صادرات النفط الإيرانية، ما قد يؤدي إلى زيادة العرض العالمي. وكانت قدرة إيران على إعادة إمدادات إضافية إلى السوق مصدر قلق مستمر للسوق، حيث يمكن أن تسهم بما يصل إلى مليون برميل يوميا في ظل تخفيف العقوبات. من جهة أخرى، سلط التصعيد في الأزمة أوكرانيا، الضوء على المخاطر التي تهدد إمدادات النفط الروسية. وفي حين لم تتجسد هذه المخاطر بعد في اضطرابات واسعة النطاق، فإنها تظل عاملا حاسما يدعم معنويات السوق. وأي تصعيد في المنطقة قد يغير بسرعة توقعات العرض.
ومن ناحية الطلب، استمرت آسيا في توفير قوة استقرار لأسعار النفط. وأظهرت الصين والهند طلبا قويا على النفط، مدفوعا بالتخزين والإنتاجية العالية لمصافي التكرير. بالفعل، أبلغت الصين، أكبر مستورد للنفط الخام في العالم، عن ارتفاع في واردات نوفمبر حيث استغلت المصافي انخفاض الأسعار لبناء المخزونات. وفي الولايات المتحدة، انخفضت مخزونات النفط الخام بمقدار 1.84 مليون برميل، ما يشير إلى الطلب المحلي القوي.
ومع ذلك، كشف ارتفاع مفاجئ في مخزونات البنزين بمقدار 3.3 مليون برميل عن إشارات طلب متباينة في السوق الأمريكية. ساعدت عوامل جانب الطلب هذه على تخفيف بعض المشاعر الهبوطية. بالنظر إلى الأمام، قد تؤثر البيانات الاقتصادية الأمريكية القادمة في اتجاهات أسعار النفط، وخاصة من خلال تأثيرها في الدولار الأمريكي. ستؤثر المؤشرات الرئيسية، مثل مؤشر مديري المشتريات التصنيعي (ISM) ومؤشر مديري المشتريات للخدمات(PMI)، في توقعات الطلب اعتمادا على إشارات النمو الاقتصادي أو الانكماش.
بعد استيعاب السوق لقرارات اجتماع "أوبك بلس" في 5 ديسمبر، قد يكون لتقرير الوظائف غير الزراعية يوم الجمعة تأثير كبير من خلال توفير رؤى حول مستويات التوظيف، وهو عامل حاسم في تقييم الطلب المحتمل على النفط. وإلى أن تظهر إشارات أكثر وضوحا، يجب أن تستعد السوق لاستمرار التقلبات مع توقعات هبوطية بحذر.