تحفيز نمو الإيرادات غير النفطية.. الزكاة أكثر تركيزاً
سجلت الإيرادات غير النفطية متوسط نمو سنوي خلال فترة 2016 - 2024 وصل إلى 12.4%، مرتفعةً من 185.7 مليار ريال (35.8% من إجمالي الإيرادات) بنهاية 2016، إلى 471.6 مليار ريال (38.3% من إجمالي الإيرادات) بنهاية العام الجاري، وقد أظهرت أغلب بنود تلك الإيرادات تحسناً لافتاً طوال الفترة، باستثناء بند الضرائب الأخرى ومنها الزكاة، التي لم يتجاوز متوسط نموها السنوي لنفس الفترة سقف 0.14%، حيث ارتفعت من 33.6 مليار ريال بنهاية 2016 إلى 34 مليار ريال بنهاية العام الجاري.
وقياساً على إجماع علماء الشريعة؛ بوجوب خضوع النشاطات التجارية والاستثمارية المتعلقة بالعقارات لركن الزكاة وتحصيلها، من بيعٍ وشراءٍ وتطويرٍ وتأجيرٍ يهدف ممارسه إلى تنمية أمواله، إضافةً إلى مختلف أشكال الاكتناز والمتاجرة والمضاربة على الأراضي، شأنها في ذلك شأن بقية الأوعية الزكوية الأخرى الواجبة على المكلفين دفعها للدولة بشكلٍ سنوي.
وهو الأمر الذي متى ما تحقق فإنّه سيعزز بدرجةٍ كبيرةٍ من الإيرادات غير النفطية، ويعزز أيضاً من الاستدامة المالية للحكومة، إضافةً إلى مساهمته الكبيرة المرتقبة في العمل على تقليص كلٍ من العجز المالي والدين العام.
معلومٌ أنّ السياسة المالية للسعودية، تقوم بالعمل على تحقيق التوازن بين أهداف النمو الاقتصادي، والمحافظة على الاستدامة المالية، وتنمية الإيرادات غير النفطية، واستمرار العمل على رفع كفاءة الإنفاق وزيادة مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد.
وبالنظر إلى الإمكانات الواسعة جداً لتنمية الإيرادات غير النفطية من خلال العمل على توسعة الأوعية الزكوية الممولة لبند الزكاة في جانب الإيرادات الأخرى، لتشتمل على جميع النشاطات الاستثمارية للعقارات والمتاجرة بالأراضي، التي يُقدّر حجم وعائها الزكوي الذي يضم كافة أشكال وأساليب نشاطاتها التجارية والاستثمارية ما بين 6.0 تريليون ريال إلى أكثر من 13 تريليون ريال، بما يمكن أن يصل إجمالي متحصلاتها سنوياً مع نهاية العام 2030 إلى نحو 328 مليار ريال (أي نحو 10 أضعاف حجمها خلال العام الجاري)، الذي سيشكّل بدوره رافداً مالياً مستداماً بالغ الأهمية للاقتصاد الوطني والمالية العامّة على حدٍّ سواء، عدا ما سيسهم حال عمل هيئة الزكاة والدخل على تحصيل تلك الزكاة المستحقة على أوعية العقارات والأراضي والنشاطات الاستثمارية المرتبطة بها، من تنشيطٍ واسع النطاق لأغلب اتجاهات الأموال والثروات، مع تحولها مستقبلاً وبصورةٍ أكبر نحو قنوات الاستثمار المحلية الواعدة في بقية نشاطات الاقتصادية، التي من شأنها أن تسرّع بمعدلات أكبر من نمو مختلف نشاطات القطاع الخاص، وتضاعف من إسهام القطاع في الناتج المحلي الإجمالي، إضافةً إلى زيادة قدرة القطاع الخاص على توليد مزيد من الوظائف وفرص العمل، وبدورها تسرّع من خفض معدل البطالة إلى أدنى من مستهدفه الجديد 5% قبل حلول نهاية 2030.
وكل هذا في مجمله سيسهم بدرجةٍ كبيرة جداً في تنامي وتعزيز الإيرادات الأخرى لبقية أنواع الإيرادات غير النفطية لتتجاوز مستواها المستهدف بنهاية الفترة الزمنية لرؤية السعودية 2030، وكل ذلك سيترجم في النهاية تحقيقاً عالي الكفاءة لمستهدفات السياسات الاقتصادية والمالية والاستثمارية للاقتصاد الوطني، ويدفع بقاعدة الإنتاج المحلية والاقتصاد الكلي نحو مزيدٍ من المتانة والرسوخ والتوسّع الإيجابي الأكثر استقلالاً عن النفط، الذي سيؤدي بدوره إلى القفز بإسهامات كافة أنشطة الاقتصاد الوطني إلى مستوياتٍ أعلى سواءً من حيث النمو المستدام والشامل، أو من حيث مدفوعات الضرائب والرسوم الخارجة منها إلى خزينة الدولة، أو من حيث توليده لمئات الآلاف من الوظائف الملائمة للمواطنين والمواطنات، وتحسين مستوياتهم المعيشية وقدرتهم على الإنفاق الاستهلاكي والادخاري على حدٍ سواء، عدا ما سيسهم به تعزيز بند الزكاة من زيادة قدرة تقديم العون والدعم التي تضطلع بها الميزانية العامّة وبما يتوافق مع أوجه إنفاقها شرعاً.