الإستراتيجية الوطنية لاستدامة البحر الأحمر .. جذب للاستثمارات وتعزيز الاقتصاد الكلي

الإستراتيجية الوطنية لاستدامة البحر الأحمر .. جذب للاستثمارات وتعزيز الاقتصاد الكلي

من المتوقع أن تسهم الإستراتيجية الوطنية لاستدامة البحر الأحمر، في جذب الاستثمارات الأجنبية وتعزيز الاستدامة البيئية وجودة الحياة، والاستفادة من الاقتصاد الأزرق الجديد القادر على مضاعفة فوائد المحيط للاقتصاد الكلي 3 أضعاف، بحسب مختصون تحدثوا لـ"الاقتصادية".

واليوم أطلق ولي العهد رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية الأمير محمد بن سلمان الإستراتيجية الوطنية لاستدامة البحر الأحمر، الهادفة لحماية النظام البيئي للبحر، وتعزيز أطر التعاون لاستدامته، وتمكين المجتمع ودعم التحول إلى اقتصاد أزرق مستدام بما يحقق التنوع الاقتصادي ويتماشى مع مستهدفات رؤية 2030، والأولويات الوطنية لقطاع البحث والتطوير والابتكار التي أطلقت مسبقا، وأهمها استدامة البيئة والاحتياجات الأساسية.

المختصون أكدوا أن الإستراتيجية تؤكد مضي السعودية لتحقيق التحول إلى الاقتصاد الأزرق، كما تسهم في التعريف بنحو 15 نشاط من هذا الاقتصاد.

ولي العهد قال "تستمر السعودية في إطلاق العنان لإمكاناتها الاقتصادية والجغرافية والثقافية، وجهودها الرائدة في مجالات الاستدامة والحفاظ على البيئة، ومن خلال هذه الإستراتيجية تعزز السعودية مكانة الاقتصاد الأزرق كركيزة أساسية لاقتصادها، وتطمح لأن تصبح منطقة البحر الأحمر مرجعًا لأفضل ممارسات الاقتصاد الأزرق، وأن تصبح السعودية رائدا عالميا في مجال البحث والتطوير والابتكار في الاقتصاد الأزرق، كما تؤكد السعودية التزامها بمستقبل مستدام للبحر الأحمر، ونتطلع من الجميع التعاون لحماية سواحلنا على البحر الأحمر والطبيعة والمجتمعات المعتمدة عليه".

وفي هذا الإطار قال الأستاذ المتميز في قسم علوم البحار بجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست) البروفيسور كارلوس دوارتي، إن إعلان ولي العهد اليوم عن الإستراتيجية الوطنية لاستدامة البحر الأحمر دليل على أن السعودية تسير في الإتجاه الصحيح نحو تحقيق الاستفادة من الاقتصاد الأزرق بشكل كبير، ما يعود بالنفع على السعودية اقتصاديا وأمنيا.

وأوضح أن السعودية تستعد لتلبية 50% من احتياجاتها من الكهرباء من مصادر متجددة بحلول عام 2030 ومن ثم الوصول إلى اقتصاد خالٍ من الانبعاثات الكربونية بحلول عام 2060، كما تعهدت السعودية.

يعد البحر الأحمر أحد أكثر مناطق السعودية تميزا وتنوعا بيولوجيا، فهو منطقة طبيعية تبلغ مساحتها 186 ألف كيلومتر مربع، وخط ساحلي بطول 1800 كيلومتر، ورابع أكبر نظام للشعاب المرجانية في العالم، وموطن لـ 6.2 % من الشعاب المرجانية في العالم، وأرخبيلا يحتضن مئات الجزر، وتضع الإستراتيجية إطارا وطنيا شاملا يوضح كيفية الحفاظ على الكنوز الطبيعية في البحر الأحمر وإعادة إحيائها، بما يضمن استمتاع المواطنين والمقيمين والزوار بها واستدامتها لأجيال قادمة.

 


إستراتيجية البحر الأحمر الوطنية ستسهم في الاستفادة من تلك الالتزامات، حيث تعد الطاقة البحرية أحد المصادر الناشئة للطاقة المتجددة في العالم، ويشمل ذلك طاقة الرياح البحرية، حيث يتم حصر الموارد في المنطقة الاقتصادية الخالصة للمملكة، بحسب دوارتي.

 

وتوضح الإستراتيجية إسهام حماية البيئة الطبيعية في إطلاق الإمكانات الاقتصادية للمنطقة والبدء في التحول إلى الاقتصاد الأزرق، مما يوجد فرصًا استثمارية للشركات المبتكرة في مختلف القطاعات البحرية، بما في ذلك السياحة البيئية ومصايد الأسماك والطاقة المتجددة، وتحلية المياه، والشحن البحري، والصناعة.

 


وذكر أن الطاقة المتجددة من الوقود الحيوي البحري، وخاصة المشتق من الأعشاب البحرية هي مناسبة بشكل خاص، كوقود طيران مستدام، مشيرا إلى أن السعودية تثبت مكانتها بشكل سريع كرائدة في مجال البحوث البحرية والحفاظ عليها، حيث إن الاقتصاد الأزرق الجديد، الذي يعد مكملا للاقتصاد البحري التقليدي القادر على مضاعفة الفوائد التي يقدمها المحيط للاقتصاد ثلاثة أضعاف.

 

لدعم الاقتصاد الوطني، تستهدف الإستراتيجية بحلول 2030 زيادة تغطية المناطق المحمية البحرية والساحلية من 3 إلى 30%، ودعم وصول مساهمة الطاقة المتجددة إلى 50 % من مزيج الطاقة المستهدف، وتوفير آلاف الفرص الوظيفية المتعلقة بأنشطة الاقتصاد الأزرق، وحماية استثمارات المملكة في المشاريع السياحية في المناطق الساحلية مما يسهم في زيادة الناتج المحلي الإجمالي.


وأضاف "وعلاوة على ذلك، يستند الاقتصاد الأزرق على توافق التنمية الاقتصادية مع الاستخدام المستدام للمحيطات، لأنه يعتمد على عمليات متجددة وغير استخراجية"، مفيدا بأن رأس المال الأزرق الطبيعي، والجينات البحرية والمنتجات الطبيعية، محوران أساسيان للتكنولوجيا الحيوية الزرقاء الجديدة.

وأكد أن هناك محور أخر وهو الأطعمة الفائقة الزرقاء، مهمة مع صعود صناعة تربية الأحياء المائية المستدامة في السعودية كإحدى ركائز الأمن الغذائي واستدامته في السعودية، حيث تعمل جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية على تطويرها مع وزارة البيئة والمياه والزراعة.

ومع الدعم الكبير للبحث والتطوير في السعودية وإنشاء هيئة تنمية البحث والتطوير والابتكار، التي أُعلن عنها قبل عام، فإن السعودية على استعداد لقيادة الابتكار نحو تحقيق أهداف الاقتصاد الأزرق في السعودية، بحسب الأستاذ المتميز في قسم علوم البحار بجامعة "كاوست".

من جهته، قال الرئيس التنفيذي للمؤسسة العامة للمحافظة على الشعب المرجانية والسلاحف في البحر الأحمر "شمس" الدكتور خالد أصفهاني: إن اهتمام السعودية في البيئة البحرية والبيئة بشكل عام وخصوصا في البحر الأحمر، دفعتها للإطلاق الإستراتيجية الوطنية.

وقال: إن الاقتصاد الأزرق يشمل 15 نشاط مثل السياحة الساحلية البحرية والرياضات المائية، وتحلية المياه، وصيد الأسماك، والاستزراع المائي وغيرها من المشاريع التي تعزز الاقتصاد الكلي.

تستند الإستراتيجية على 5 أهداف إستراتيجية، هي: الاستدامة البيئية، والتنمية الاقتصادية، والتنمية الاجتماعية، والسلامة والأمن، والحوكمة والتعاون، وتضم 48 مبادرة نوعية جرى تطويرها لتحقيق طموحات السعودية في الاقتصاد الأزرق والأنشطة المتعلقة به، ويوضح إعلان الإستراتيجية الدور المحوري الذي تقوم به السعودية في حماية الموارد الطبيعية في ظل التحديات البيئية والمناخية التي يعيشها العالم اليوم، وترسم مسارًا جديدًا يجمع بين النمو الاقتصادي والاستدامة البيئية.


وأفاد بأن هذه الإستراتيجية تعد ضمانه لتنمية اقتصادية مع استدامة بيئية، موضحا أن التنمية الاقتصادية مشروطة بالاستدامة البيئية.

أصفهاني أشار إلى أن الشعب المرجانية هي الركيزة الأساسية لبيئة البحر الأحمر، الذي يحتوي على ما يزيد من 1200 نوع من الأسماك، إذ أن 15% منها مستوطنة في البحر الأحمر ولا توجد في بحر آخر، ومن هذه الأسماك يوجد نحو 220 نوع متواجد في السوق المحلية، حيث أن معظمها تعيش وترتبط ببيئات الشعب المرجانية.

الشعب المرجانية تعمل كحاجز لصد الأمواج والعواصف وتحمي الشواطئ والممتلكات الساحلية، كما يستخرج منها الأدوية وبعض المستحضرات التجميلية، إضافة إلى أن دراسات تظهر بأنه علاج للسرطان، بحسب الرئيس التنفيذي لـ"شمس".

الأكثر قراءة