النقل العام وأرصفة المشاة

لا جدال في قوة أهمية النقل العام، داخل المدن. وقد خطت بلادنا -بحمد الله- خطوات ملموسة في تطوير هذا النوع من النقل. على رأس ذلك مشروع الملك عبدالعزيز للنقل العام في مدينة الرياض، الذي تبنته الهيئة الملكية لمدينة الرياض.
طبعا من المهم الاهتمام بالعوامل المؤثرة في الطلب عليه. والعوامل كثيرة والحديث هنا عن عامل أرصفة المشاة. ذلك أن وسائل ومحطات النقل العام تتطلب من الناس المشي لمسافات إلى محطات القطارات ونقاط توقف سيارات النقل العام، ومنها. وهذا يتطلب وجود أرصفة مريحة تجذب المارة إلى استخدامها.
تزداد أهمية الأرصفة للقاطنين قريبا من محطات النقل العام. وقد قررت الهيئة العليا لتطوير الرياض زيادة أدوار البناء في الشوارع القريبة أو المارة بمحطات مشروع الملك عبدالعزيز للنقل العام. وبداهة، إن هذه الزيادة تزيد من الكثافة السكانية قرب المحطات.
إن وجود أرصفة مهيأة جيدا لاستخدام المشاة من أهم عوامل الجذب لاستخدام النقل العام. وهو، من جهة أخرى، من أهم وسائل السلامة، لأنها تقلل من احتمال تعرض المشاة لأخطار السيارات. كما أن وجود الأرصفة -من جهة ثالثة- يسهم في رفع الوعي المروري على المدى البعيد. وقد أنجزت أو تنجز أمانة منطقة الرياض برنامج أنسنة المجاورات السكنية، في حي الفلاح، وفي أحياء أخرى، بما يسهم في جعلها صديقة للمشاة ونابضة بالحياة.
رغم وجود أرصفة في عامة الشوارع، إلا أن هناك مثبطات في استخدام المشاة للأرصفة. على رأسها أن كثيرا من أصحاب أو شاغلي المساكن والمحال يزرعون وسط الأرصفة، أو يوقفون سياراتهم بطريقة تعوق المشي، أو يبنون درجا على الشوارع والأرصفة لأبواب الدخول للمحال أو المنازل. وتبعا يتجه المشاة إلى استعمال قارعة الطريق رغم خطورة ذلك. والخطورة تزداد كثيرا بالنسبة إلى طلاب المدارس قبل المرحلة الجامعية حين خروجهم من البيوت والمساجد والمدارس وإليها.
كون المشاة تسير في الشارع أو أن السيارات تقف على الأرصفة، هذا الوضع له أثر صحي سلبي في تعويد الناس على ترك المشي. وله أثر تربوي سيئ خاصة عند الأطفال، حيث يقلل مبالاتهم بقواعد السلامة المرورية حينما يكبرون ويتولون قيادة السيارات.
أتوقع أننا بحاجة إلى تنظيمات ومواصفات أولا لمعالجة المشكلات القائمة. وثانيا لتطبيقها بما يوفر أرصفة مناسبة وجذابة لاستعمال المشاة. هذا التوفير يتطلب تنفيذه سنوات، ومن المؤكد أنه يساعد -مع غيره- على ترغيب كثيرين في استخدام وسائل النقل العام، خلاف تغيير ما اعتاد عليه أفراد المجتمع من سلوكيات مرورية غير مناسبة. هناك جانب آخر مهم. ينبغي تظليل بعض الأرصفة قدر الإمكان. ولا شك في أن حرارة الجو وأشعة الشمس تقللان رغبة الناس في المشي نهارا للوصول إلى محطات النقل العام.
باختصار، وجود أرصفة مناسبة يحفز المشاة على استخدامها، ما يزيد الطلب على النقل العام، ويقلل زحام وحوادث السيارات وتضرر المشاة. وقد يجادل البعض بالقدر. إننا نؤمن بالقدر، لكننا نؤمن أيضا بأننا مطالبون باتخاذ الأسباب، وعمل الاحتياطات لدرء أو تقليل المفاسد. إن اتخاذ الأسباب لا يضمن منع الحوادث، لكنه يقوي احتمال منعها بإذن الله. وبالله التوفيق.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي