رؤية لعالم أكثر صحة وقدرة على الصمود

ثمة تحد هائل يواجه العالم فيما يتعلق بتوفير الخدمات الصحية، فالاتجاهات العالمية الكبرى، مثل تراجع الاستثمارات في أنظمة الرعاية الصحية، وتغير المناخ، وزيادة أعداد كبار السن، تؤدي إلى صعوبة الحصول على رعاية صحية جيدة وميسورة التكلفة، ومن الملاحظ أن أكثر من نصف سكان العالم لا يحصلون على الخدمات الصحية الأساسية، ويواجه نحو ملياري شخص صعوبات مالية بسبب ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية، وبدون الحصول على هذه الخدمات، سيظل ملايين عالقين في دائرة الفقر، فنقص الفرص يؤدي إلى خنق الإمكانات البشرية وتكبيل النمو الاقتصادي. والصحة الجيدة تعني تحسين جودة الحياة، وزيادة فرص الحصول على التعليم والعمل، ودعم القدرة على الصمود في وجه أزمات المستقبل. وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، حققت بعض البلدان مكاسب مهمة رغم هذه التحديات.


أن إحداث التغيير المطلوب رغم التحديات الماثلة شريطة الالتزام بالجدية والطموح والاختيار السليم لنقاط الانطلاق والبرامج والأنشطة والشراكات الملائمة. ولهذا السبب، وضعت مجموعة البنك الدولي في وقت سابق من هذا العام هدفاً طموحاً لمساندة البلدان في تقديم خدمات الرعاية الصحية عالية الجودة وبأسعار معقولة لنحو 1.5 مليار نسمة بحلول 2030. التزامنا هو دعم البلدان لتقديم خدمات ذات جودة، بما في ذلك من خلال إنفاق الأموال بشكل أفضل وأكثر فعالية وزيادة التمويل المستدام للصحة.


أولا، ندعم حالياً البلدان لتغطية مزيد من الأشخاص على مستوى المجتمعات المحلية، ولا سيما من لا يحصلون على الخدمات الأساسية، وبناءً عليه، ينبغي لنا معرفة من هم وأين هم وما التحديات التي تواجههم للحصول على الخدمات، بما في ذلك خدمات الصحة والتعليم والخدمات المالية. ثانيا، نقوم بتوسيع نطاق الخدمات استجابة لتغير الخصائص الديمغرافية التي تؤدي إلى تغير الاحتياجات الصحية. ويشمل ذلك الخدمات الأساسية لصحة وتغذية النساء والأطفال في البلدان التي تشهد نمواً سريعاً في أعداد الشباب، والخدمات التي تستهدف تخفيف العبء المتزايد للأمراض غير السارية واحتياجات الرعاية طويلة الأجل المرتبطة بزيادة أعداد كبار السن.
وبالتالي علينا التركيز على خدمات الرعاية الصحية الأولية والصحة المجتمعية. ثالثا، نبذل قصارى جهدنا للحد من المعوقات المالية التي تحول دون الحصول على الرعاية الصحية حتى لا تضطر الأسر إلى الاختيار بين الرعاية المنقذة للحياة وتوفير الطعام، فعلى سبيل المثال، يتم خفض الرسوم في مراكز الرعاية والخدمات الأساسية، وفي الوقت نفسه يجري تعزيز الحماية الاجتماعية لضمان دعم الأشخاص بغض النظر عن محل إقامتهم وعملهم، وعلينا أيضاً دراسة توفير وسائل نقل مجانية للوصول إلى مراكز الرعاية الصحية وبالتالي نزيل عبء هذه التكاليف المستترة.


نواصل العمل على مستوى عديد من القطاعات كبنك دولي واحد، بهدف زيادة التمويل الذي يستهدف إصلاحات الصحة العامة، وفي الوقت نفسه الاستفادة من ابتكارات القطاع الخاص لدعم أهداف التغطية الصحية الشاملة. وستلزمنا بطاقة قياس الأداء المؤسسي الجديدة لمجموعة البنك الدولي بتحقيق ما تعهدنا به من خلال حصر عدد الأشخاص الذين حصلوا على خدمات صحية جيدة في إطار العمليات التي يمولها البنك الدولي. إن تحقيق هدفنا يتطلب شراكات قوية، وبالتالي تتضافر جهودنا مع جهود الحكومات والقطاع الخاص وشركاء التنمية والمجتمع المدني لضمان إحراز تقدم في هذا الشأن.

وقد قمنا بتدشين صندوق التحول وبناء قدرة النظام الصحي على الصمود بتكلفة تصل إلى 100 مليون دولار بنهاية عام 2024، لتلبية الطلب من البلدان المعنية على الاستثمارات في مجال التغطية الصحية الشاملة، وتسهيل التعاون وتضافر الجهود بين المانحين والمؤسسات.

مما لا شك فيه أن التحديات التي تواجه تحقيق التغطية الصحية الشاملة هائلة، لكن الفرص أكبر، فضمان حصول الجميع على الخدمات الصحية يؤدي إلى إحداث نقلة نوعية في حياة مليارات البشر وإطلاق الإمكانات والطاقات الكامنة للبلدان على نحو تام. ونحن ملتزمون بتحقيق هذا الهدف، لكن لا نستطيع وحدنا، لذا نهيب بجميع شركاء التنمية التعاون معنا لتوفير الخدمات الصحية بتكلفة ميسورة لأكبر عدد من الناس، فبالعمل معاً، يمكننا بناء عالم أكثر صحة وإنصافاً وازدهاراً للجميع.

 

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي