الاقتصاد في 2024 .. أبرز الخاسرين والرابحين
في الوقت الذي ظن العالم أن جائحة كورونا أصبحت خلفه وأن التعافي هو الطريق الوحيد الذي سيسلكه الاقتصاد العالمي بعد سنوات أثرت فيها الجائحة على معدلات النمو الطموحة والتوقعات الايجابية لتجاوز تحديات سلاسل الامداد والتعافي من الخسائر الكبيرة التي خلفتها الجائحة على قطاعات رئيسية في منظومة الاقتصاد العالمي؛ دخل العالم عام 2024 وسط أزمات اقتصادية وجيوسياسية خانقة، فالحرب الروسية الاوكرانية لم تهدأ واخذت منحنى اكثر تصعيداً تم التلويح معه لاستخدام السلاح النووي بينما امتد فتيل الصراع في الشرق الاوسط واتسعت رقعته من سواحل البحر المتوسط غرباً إلى ايران شرقاً.
في ظل هذه التوترات الجيوسياسية تكبدت الكثير من الاقتصادات ولاسيما الروسي والاوكراني وبعض الاقتصادات العربية خسائر كبيرة، فالتوقعات تشير الى ان الاقتصاد الروسي سيعانى من النمو السلبي والانكماش بمعدل 2.5% مع تراجع صادراته من منتجات الطاقة وتدهورت علاقاته الاقتصادية مع الدول الاوربية, نفسها الدول الاوربية لم تسجل نمواً كبيراً في 2024 فالاقتصاد الالماني أكبر الاقتصادات في منطقة اليورو واجه ركوداً طفيفاً وتراجع الناتج الاجمالي المحلي بنسبة 0.7% بسبب ضعف الصادرات.
ورغم ان توقعات معدل النمو الاقتصادي العالمي تشير الى ارتفاع بنسبة 3.1% الا ان التباين بين الدول والمناطق كان كبير، فالولايات المتحدة سجلت نمواً بنسبة 2.7% مقارنة بنسبة 1.2% في منطقة اليورو.
كان قطاع التكنولوجيا الحصان الأسود في 2024 فقد أسهم في زيادة نمو إيرلندا بمعدل 5.5% مدعوماً بهذا القطاع وبزيادة الاستثمارات الأجنبية، بينما سجلت الهند نمواً متوقعاً بلغ اكثر من 6% مدفوعاً بالاستثمار في الابتكار والاستثمار في البنى التحتية وحققت اسبانيا معدل 4% نمواً بسبب مساهمة قطاع السياحة وزيادة الاستهلاك المحلي.
قطاع الطاقة المتجددة كان احد ابرز من سجلوا اداءاً رائعاً في 2024 حيث نمت الاستثمارات في مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بمعدل 20% واستمرت دول مثل الصين والمانيا بالدفع في وتيرة استثماراتها في هذا القطاع.
كما عاد اقتصاد العملات الرقمية الى الواجهة مسجلاً أرقاماً قياسية حيث بلغ سعر البيتكوين 100 الف دولار واظهرت صناديق التحوط التقليدية اهتماماً بالغاً في زيادة تدفق استثماراتها في هذا السوق حيث تستهدف زيادة استثماراتها باكثر من 30% بعد تنامي رغبة العديد من الدول في تقنيين هذا القطاع ورسم التشريعات اللازمة لتنظيم تعاملاته ونظم الحوكمة الخاصة به.
قطاعات اخرى سجلت أداءاً خجولاً وواجهت تحديات كبيرة فقطاع الطيران لا يزال يواجه متاعب وصعوبات جمة تتعلق بارتفاع اسعار الوقود وانخفاض الطلب على السفر وزيادة التكاليف التشغيلية ويقدر حجم خسائر هذا القطاع نحو 30 مليار دولار.
وقبل ان يصل عام 2024 الى خط النهاية وفي اخر اسبوع منه سجلت حوادث الطيران سلسلة من الكوارث التي ادت الى مئات الوفيات تاركة علامات استفهام كبيرة على معدلات السلامة والأمان التي لطالما كانت الأعلى ضمن قطاعات النقل، فلقد شهد العالم اسبوعاً مرعباً تخلله حوادث لطائرات ركاب في البرازيل واذربيجان وكوريا الجنوبية وكندا وهولندا وسجلت خسائر بشرية كبيرة. كما اسهمت الحرب الروسية الاوكرانية بالكارثة الجوية للطائرة الأذربيجانية التي اصيبت بنيران الدفاعات الجوية الروسية.
قد يبدو عام 2025 اكثر تفاؤلاً باستمرار انخفاض الفائدة والسيطرة على معدلات التضخم وزيادة التفاؤل بحلول سلمية للأزمات الجيوسياسية نتيجة التغيير في الإدارة الأمريكية بوصول ترمب للبيت الأبيض الذي أظهر التزاماً بانهاء الصراعات في الشرق الاوسط الشرق الاوربي واظهر التزاماً حازماً بالحرب على التضخم وزيادة فرص العمل داخل أكبر اقتصادات العالم، الا ان المخاطر لا زالت كبيرة لا سيما الحرب التجارية المحتملة بين اكبر الاقتصادات في العالم الولايات المتحدة والصين نتيجة خططه في فرض رسوم تعرفة جمركية عالية على واردات الصين للولايات المتحدة.
كما ان الميزان التجاري وحجم التبادلات التجارية بين الولايات المتحدة واوروبا تنذر بتوتر اخر نتيجة تصريحات ترمب الاخيرة بالزام الدول الاوربية بشراء منتجات الطاقة من الولايات المتحدة ما ينذر بحرب تجارية اخرى تشترك فيها أكبر ثلاثة اقتصادات في العالم.