الاقتصاد السعودي في 2025 .. زخم متوقع للأنشطة غير النفطية واستقرار التضخم أبرز التحديات

الاقتصاد السعودي في 2025 .. زخم متوقع للأنشطة غير النفطية واستقرار التضخم أبرز التحديات

يتوقع أن يحقق الاقتصاد السعودي نموا جيدا العام المقبل، رغم التحديات العالمية المتزايدة بما في ذلك التوترات الجيوسياسية وتقلبات أسواق النفط، وذلك بدعم القطاعات غير النفطية وتعزيز الإصلاحات الاقتصادية المدعومة من رؤية 2030.

وأشار اقتصاديون تحدثوا لـ"الاقتصادية" إلى زخم كبير متوقع للأنشطة غير النفطية، مع تدني السيطرة على مستويات الدين، فضلا عن إدراج مزيد من الشركات لتعميق السوق، وزيادة متوقعة للإنفاق الاستثماري الخاص، في حين يظل بقاء معدل التضخم عند 2% التحدي الأكبر للعام المقبل.

وتوقعت الحكومة السعودية نمو الاقتصاد المحلي خلال العام الجاري 0.8%، مع بقاء النمو أعلى من 3.5% سنويا حتى 2027 بدعم القطاع غير النفطي، الذي خفف أثر انكماش القطاع النفطي.

نمو صحي يتجاوز 4%

وهنا قال الدكتور إحسان بوحليقة الخبير الاقتصادي رئيس مركز جواثا الاستشاري: "إجمالاً تتوافق التوقعات أن أداء الاقتصاد السعودي في 2025 سيكون أفضل من 2024، بوصول نمو الناتج المحلي إلى 4.6%".

أضاف بوحليقة "لرسم صورة أكثر تحديداً عن الأداء المستقبلي للاقتصاد السعودي في المدى المتوسط، فمن المتوقع أن ينمو القطاع النفطي نمواً إيجابياً، لكن أداءه عرضة للتأثر بالعوامل الجيوسياسية إقليميا وبنمو الاقتصاد العالمي، وتحديداً ما ستسفر عنه السياسات التجارية للرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترمب، ولاسيما تجاه الصين وكندا والمكسيك.

أما فيما يتصل بالأنشطة غير النفطية، توقع عضو مجلس الشورى السعودي رئيس اللجنة المالية سابقًا، أن تواصل السعودية نموًا صحياً يتجاوز معدله السنوي 4%، ويستمر للمدى المتوسط.

حول السياسات المالية، أشار إلى أن السياسة المالية مستقرة، وفق ما أعلن في بيان الميزانية، وقد يتجاوز الدين العام 30% من الناتج المحلي الاجمالي، وبمعدل عجز في الميزانية يراوح حول 3% نسبةً للناتج المحلي الاجمالي.

وعن أفق السياسة النقدية، قال إنها متفائلة مع تراجعات الفائدة بما يشجع على الاستثمار والاستهلاك، لافتا إلى أن بقاء تحدي ضبط معدل التضخم في حدود 2%.

تشير توقعات وزارة المالية السعودية إلى نمو اقتصادي بـ 0.8% خلال 2024، و 4.6% في 2025، و 3.5% في 2026، و 4.7% في 2027.

تدني العجز والسيطرة على مستويات الدين

بدوره، قال الخبير الاقتصادي عبدالحميد العمري عضو جمعية الاقتصاد السعودية: إن الاقتصاد السعودي أصبح يتمتع بمرونة أكبر بفضل الإصلاحات الهيكلية التي قام بها تحت مظلة برامج ومبادرات رؤية 2030، ما دفع بالقطاع غير النفطي إلى مراكز أقوى وأكبر مساهمة في الناتج المحلي، الذي مكّن الاقتصاد الكلي من تخفيف آثار تقلبات أسواق النفط العالمية وغيرها من الصراعات الجيوسياسية في أنحاء العالم.

أضاف العمري، لهذا تمكن الاقتصاد السعودي من تسجيل معدلات نمو إيجابية خلال العام الجاري، ورفع قدرة القطاع الخاص على زيادة معدلات التوظيف وخفض معدلات البطالة إلى مستوياته التاريخية، وبنفس تلك العوامل يُتوقع أن يندفع الاقتصاد السعودي مستقبلاً نحو النمو بوتيرةٍ أسرع، خاصةً في ظل الاستحقاقات العالمية التي ستستضيفها السعودية في منظور الأعوام القليلة المقبلة.

حول توقعاته للاقتصاد السعودي في 2025، قال العمري: "كل هذا يمنح الكثير من الثقة في قدرة الاقتصاد السعودي بالاعتماد الأكبر على نشاطاته غير النفطية، رغم ضبابية مؤشرات أداء الاقتصاد العالمي، وعدم وضوح سياسات البنوك المركزية الكبرى عالمياً، إضافة إلى متانة المالية العامة السعودية التي تتمتع بالاستدامة وتدني عجزها سنويا لما دون 3% من الناتج المحلي الإجمالي.

وذلك علاوة على السيطرة على مستويات الدين العام تحت نسب 30% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يعد من الأدنى عالمياً وضمن مجموعة دول العشرين الأكبر في الاقتصاد العالمي.

إدراج مزيد من الشركات لتعميق السوق

بدوره، توقع أحمد الشهري الخبير الاقتصادي، أن يشهد عام 2025 كفاءة عالية في تنفيذ الميزانية المخططة، مع التركيز على ضبط الإنفاق وتعظيم العوائد لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.

كما رجح أن يشهد القطاع الصحي تقدما ملحوظا في جودة ونوعية الخدمات، إضافة إلى تعزيز القطاع الدوائي، كما سيواصل سوق الأسهم السعودي التوسع عبر إدراج مزيد من الشركات لتعميق السوق.

أشار إلى أن القطاع البلدي يتوقع أن يشهد تطورا بحيث يدعم النمو الحضري ويعزز القطاعات المرتبطة، خاصة في تعميق السوق العقارية وربما نشهد تأسيس هيئة حكومية في مجال التشييد والبناء.

أما على الصعيد العالمي، يرى الشهري أن يتجاوز الاقتصاد العالمي المرحلة الأسوأ، مع احتمالية ظهور توافقات سياسية بين الدول الكبرى تسهم في استعادة العافية الاقتصادية على مستوى الدول، ما يعزز النمو والتعاون الدولي، مدعوماً بتجارب الدول التي عانت من أزمات سابقة وأظهرت مرونة اقتصادية في مواجهة التحديات ولكن بتكاليف باهظة.

زيادة الإنفاق الحكومي واستثمارات البنى التحتية

من جهته، توقع الدكتور محمد مكني أستاذ المالية والاستثمار في جامعة الإمام، تسجيل الاقتصاد السعودي أعلى معدلات النمو في المنطقة خلال عامي 2025 و2026 بنسبة لا تقل عن 4.7%.

قال: "رغم كل التحديات المحيطة والمستجدات في الساحة والأحداث الجيوسياسية، إلا أن الاقتصاد السعودي قادر على تجاوز التحديات والأزمات والصراعات الموجودة في الإقليم، وتحقيق نمو إيجابي مدعوم بالبرامج والسياسات للرؤية السعودية 2030".

أضاف مكني، أن هذا التفاؤل بسبب أن السعودية مرت في كثير من التحديات وظل اقتصادها صامد وقوي، ما يثبت مرونة الاقتصاد السعودي وقدرته على مواجهة كل الصعوبات.

أشار أستاذ المالية والاستثمار إلى وجود اجماع حول توقعات النمو للاقتصاد السعودي من مؤسسات دولية ومحلية ووكالات التصنيف العالمي ومنها التقديرات الصادرة عن وكالة "ستاندرد آند بورز"، التي توقعت أن ينمو الاقتصاد السعودي بنسبة 4.7% في العام المقبل.

وذلك إلى جانب تقديرات وزارة المالية السعودية وصندوق النقد الدولي التي توقعت نموًا بنسبة 4.6% لعام 2025.

ولفت إلى التعافي الذي شهده الاقتصاد السعودي في عام 2024 بنسبة نمو 1.1% بعد انكماش قدره 0.8% في عام 2023، مضيفًا أن هذا النمو يعكس الزخم الذي تشهده الأنشطة غير النفطية بنمو 4.6%، ما ساعد على تعويض تأثير خفض إنتاج النفط في إطار سياسات أوبك+.

ونما الاقتصاد السعودي في 2024 بشكل أساسي بسبب النمو القوي في الأنشطة غير النفطية، رغم تعرض قطاع النفط لانخفاض 6.1% بسبب القرارات الطوعية المتخذة لخفض الإنتاج حتى نهاية 2024.

لذلك توقع مكني نمو الاقتصاد السعودي في الفترة بين 2025 و2026، مع الأخذ في الحسبان عودة السعودية لزيادة إنتاج النفط.

وأكد مكني ضرورة الأخذ في الحسبان مجموعة من العوامل التي تعزز من النمو المتسارع في السنوات المقبلة ومنها حجم الإنفاق الحكومي، والمتوقع أن يكون كبيرا في السنوات المقبلة، من أجل استثمارات ضخمة في مشاريع البنية التحتية التي تسهم في تطوير القطاعات غير النفطية وتعزيز النمو المستدام.

أشار إلى سعي السعودية لتوفير بيئة استثمارية جاذبة من خلال تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في مجموعة واسعة من القطاعات بما في ذلك التكنولوجيا، والسياحة، والتعليم، والصحة، ما يعزز التنوع الاقتصادي.

زيادة الإنفاق الاستثماري الخاص

بدوره، توقع سعد آل ثقفان متحدث جمعية الاقتصاد السعودية، أن يستمر في عام 2025 زخم الإنفاق الحكومي سواءً بشكل مباشر عن طريق الحكومة أو غير مباشر عن طريق صندوق الاستثمارات العامة، خاصة مع رغبة الحكومة في تسريع الوصول إلى مستهدفات رؤية 2030 وتوقعات تحسن الإيرادات الحكومية.

أضاف آل ثقفان "هناك توقعات بزيادة الإنفاق الاستثماري الخاص، ما يؤدي بشكل عام إلى نمو الناتج المحلي الاجمالي غير نفطي، ونمو القطاع النفطي بشكل أقل بسبب اتفاقات "أوبك+".

جاهزية للتعامل مع تقلبات أسواق الطاقة

من ناحيته، قال الدكتور جمال عبد الرحمن العقاد الكاتب في إيكولوجيا المنظومات: إن توقعات الاقتصاد السعودي في عام 2025 تشير إلى استمراره في النمو والاستقرار رغم التحديات العالمية، مشيرا إلى أن السعودية تُظهر جاهزية عالية للتعامل مع تقلبات أسواق الطاقة، بفضل جهودها في تنويع مصادر الدخل وتحسين مرونة الاقتصاد.

توقع أن يسجل الاقتصاد نموًا مستقرًا بين 3% و5%، مدعومًا بالإنفاق الطموح على مشاريع رؤية 2030، وزيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتعزيز القطاعات غير النفطية مثل السياحة والتكنولوجيا.

ولفت إلى أن الإصلاحات الاقتصادية النوعية تُعد نموذجًا مرنًا، ما يُعزز من قدرة السعودية على تمويل مشاريعها الطموحة وتحقيق اقتصاد مستدام وقوي يلبي طموحات رؤية 2030.

وتتمتع السعودية بميزة تنافسية بفضل تكاليف إنتاج النفط المنخفضة واحتياطاتها الكبيرة، مع دورها المحوري في استقرار أسواق الطاقة العالمية.

إنفاق رأسمالي ينعكس على الخدمات والتشييد

من جهته، يرى محمد العنقري محلل اقتصاد مالي وأسواق، أن الاقتصاد الوطني ينمو وفق خطة مستدامة لتحقيق معدلات نمو تتماشى مع مستهدفات رؤية 2030، لذلك سيكون العام المقبل استكمالاً لما سبقه من أعوام الرؤية التي قفزت بالناتج الإجمالي بأكثر من 65%.

قال: إنه في عام 2025 يتوقع أن يصل النمو لحدود 4.6% كواحد من أعلى المعدلات عالميا وفي مجموعة العشرين، مع إبقاء التضخم ضمن حدود متدنية، ما يسهم في جذب الاستثمارات وتوليد فرص العمل في قطاعات مثل التشييد والبناء والصناعة والخدمات.

أضاف أن التوجه للتطوير التقني والتحول الرقمي أصبح نهجاً ثابتاً في مسارات كل قطاعات الاقتصاد والأهداف بعيدة في الوصول لإنتاج التقنية، وذلك عبر استمرار دعم قطاع التعليم والتأهيل ورفع مستوى مخرجات التعليم ودعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال عبر الأنظمة والتشريعات والأذرع التمويلية.

ويتوقع استمرار القطاع الخاص في قيادة النمو الاقتصادي، والإسهام في زيادة الوظائف في سوق العمل، إضافة إلى تنفيذ برامج ومبادرات تحقيق رؤية السعودية 2030 والإستراتيجيات القطاعية والمناطقية

زيادة الاستثمارات في التقنية والترفيه

من ناحيته، يتوقع الدكتور علي السبيعي الأكاديمي والباحث الاقتصادي، أن يكون النمو الاقتصادي العالمي لعام 2025 مرتفعا، لكن بوتيرة منخفضة حسبما أشار صندوق النقد الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.

أضاف، أن هذا الارتفاع يدعم تعافى الاقتصاد العالمي تدريجياً من تأثيرات جائحة كورونا والارتفاع المستمر في الإنفاق الاستهلاكي وزيادة التبادل التجاري العالمي، ومن المتوقع أن يبلغ النمو الاقتصادي العالمي 3.2% لعام 2025.

ومع أن الاقتصادي السعودي اقتصاد مفتوح يؤثر ويتأثر بالاقتصاد العالمي إلا أن النظرة له في عام 2025 نظرة تفاؤلية وجميع التوقعات بشأن نموه إيجابية.

وأرجع ذلك إلى عدة عوامل منها، زيادة انتاج النفط الذي يتوقع أن يصل إلى 9.5 مليون برميل يومياً وهذا من شأنه أن يسهم في زيادة التوسع الاقتصادي لعام 2025، علاوة على نمو القطاع غير النفطي خاصة في الطاقة المتجددة والسياحة وتجارة التجزئة.

وذلك علاوة على مبادرات رؤية 2030 التي تسهم في تحفيز الاستثمار والنمو الاقتصادي بعيداً عن الاعتماد على النفط وكذلك تحفيز القطاع الخاص ورواد الأعمال على زيادة الاستثمار في القطاعات المستهدفة في الرؤية ومنها على سبيل المثال التقنية والمالية والترفيه.

ومن العوامل أيضا، السياسة المالية الحكومية من خلال ضبط النفقات والتركيز على المشاريع والإستراتيجيات الداعمة لرؤية 2030 وتطوير السياسات والإصلاحات التنظيمية التي تسهم في جذب الاستثمارات وتعزيز مكانة السعودية وتقوية مركزها المالي وخلق بيئة اقتصادية مستدامة.

السبيعي ذكر أنه رغم ذلك، فإن هناك بعض التحديات التي قد تواجه الاقتصادات العالمية في عام 2025 والاقتصاد السعودي ليس استثناء، ومن هذه التحديات المخاطر الجيوسياسية وتباطؤ النمو في الاقتصاد العالمي وجميعها تؤثر سلباً في الصادرات وتدفق الاستثمارات.

توقعت عديد من المنظمات الاقتصادية العالمية الموثوقة، أن يكون النمو الاقتصادي السعودي ما بين 4.6% إلى 4.7% في عام 2025، وأن تحافظ السعودية على نفس معدلات التضخم المعتدلة للعام القادم، وذلك بدعم من استقرار أسعار السلع العالمية والسياسات النقدية للبنك المركزي.

التركيز على الإنفاق الاستثماري

من جانبه، وافق الدكتور عبد الرحمن الجويد أستاذ الاقتصاد، توقعات صندوق النقد الدولي في نمو للاقتصاد السعودي 4.6% في عام 2025.

وتوه بأن جميع المعطيات تؤكد استمرار النمو القوي في القطاع غير النفطي، مدفوعاً بسياسة مالية موجهة نحو تحقيق النمو، وبدعم من صندوق الاستثمارات العامة، مع التركيز على زيادة الإنفاق الاستثماري الذي سيحفز النمو في السنوات المقبلة.

فيما توقع المستشار الاقتصادي عبد الرحمن الصقير، أن يشهد الاقتصاد السعودي معدلات نمو إيجابية خلال 2025، مرجعا ذلك لعدد من المعطيات كالتنوع في القاعدة الاقتصادية، وتعزيز دور القطاع الخاص، إضافة إلى نمو القطاعات الواعدة التي تدعم زيادة فرص الأعمال.

الأكثر قراءة