ضيق السوق العقارية رغم القوة

تؤدي الأسواق العقارية دورا حيويا في سرعة النمو الحضري للمدن. موضوعنا اليوم عن "الأسواق العقارية الضيقة". أي الأسواق التي لديها حساسية مفرطة للتغيرات الطفيفة وتؤدي إلى تقلبات سعرية مبالغ فيها.

هناك قناعات مختلفة بين المشترين والبائعين والمنظمين للسوق. وجميعها تداخل بين افتراضات عاطفية وعقلانية. بعضها لم يرتق إلى الموضوعية المستندة على الأدلة، كما أن حالة الشراء الاندفاعي للمساكن دون وعي مالي كاف كان له تأثيره.

ومن جانب آخر: التفاوتات البنيوية بين المدن وتوفر فرص العمل، جعلت من الصعب الجزم بأن الأسواق ضيقة دون أدلة اقتصادية كافية. بالرغم من وجود خصائص الأسواق الضيقة مثل: ارتفاع الإيجارات المفاجئ على القطاعين التجاري والسكني وحساسية السوق للأخبار والاشاعات، حتى ولو كان الواقع مختلفاً، تبقى قرارات البيع والشراء بين البائعين والمشترين في حالة ترقب.

سواء كانت افتراضات عاطفية أو عقلانية بين البائعين والمشترين، يظل السوق يرسل إشارات تدل على أنه ضيق.

هناك أسباب موضوعية أخرى لها تأثيرات، ومن بينها المرونة السعرية، حيث يكون العرض غير مرن بسبب الظروف التنظيمية أو عدم قدرة المدن على التوسع، بسبب القيود الجغرافية ووصولها الى منحدرات، جبال، بحار، أو حواجز طبيعة تمنع من التوسع.

الطلب غير المرن أيضا يؤدي دورا كبيرا، حيث يظل المشترون راغبين في الشراء حتى مع ارتفاع الأسعار، كما يحدث في المناطق ذات القيمة الاقتصادية أو الاجتماعية العالية والتوقعات المستقبلية لها تأثيرات، حيث يقود التوقع بزيادة السعر إلى شراء مزيد من العقارات، ما يدفع الأسعار لمستويات أعلى.

الشراء الاندفاعي من قبل المشترين يمكن أن يزيد من حساسية السوق، على سبيل المثال، لوحظ أن الصناديق العقارية المؤسسية تشتري الأراضي بأسعار معقولة وهذا يعكس نجاح المنظم الحكومي في رفع القرار الاقتصادي المؤسسي، بينما الأثرياء من الأفراد يشترون بأسعار باهظة، ولا أعلم إذا ما كانت هذه الأسعار تعتمد على تقديرات آمنة من حيث إدارة مخاطر السوق المستقبلية.

زمن الاستجابة البطيء لزيادة عدد الأراضي الجاهزة للبناء وتطوير مشاريع عقارية جديدة في المدن النشطة اقتصاديا، يؤدي إلى تقدم النمو الاقتصادي على النمو الحضري، ما يسبب تأخيرا في تلبية الطلب المتزايد ويسهم في رفع الأسعار على القطاعين التجاري والسكني وكذلك إيجارات المباني الحكومية.

مع تلاشي احتكار الأراضي بسبب التطور الاقتصادي، فإن وجود أموال كبيرة ناتجة من القوة المالية للاقتصاد وتتنافس على معروض محدود يمكن أن يؤدي زيادة في الأسعار.

في الختام: يبقى التساؤل قائم عن مدى ضيق السوق العقارية بالرغم من قوته، -ومهما كانت الإجابة- الأسواق الضيقة مغرية ومكلفة معا وعلينا المضي قدما في تمويل القطاع العقاري وتطوير الأراضي من أسواق رأس المال بدلا من البنوك، أي جمع الأموال عبر إصدار الصكوك الإسلامية (صكوك المشاركة القابلة للتداول) والأسهم والسندات، بدلا من الاعتماد على القروض البنكية التي قد تكون مكلفة، وتفرض قيودا مستقبلية صارمة تحد من توازن السوق في وقت قريب.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي